تقاس الأخلاق بناءا على ما ينفع الإنسان و نقول ذلك شيء أخلاقي و ما يضر الإنسان هو شيء غير أخلاقي .. و لكن السؤال المطروح هو : كيف لنا أن نتأكد و نجزم بأن ما يضرنا نحن هو نفسه ما يضر غيرنا ؟ مثلا قد يضرنا نحن سماع الموسيقى لكن أشخاص آخرون يحبون سماعها .. و قد يضرنا نحن شرب الخمر بينما آخرون يشربونها بلا أي ضرر .. و بالتالي فإن القيام بتعميم بعض الأخلاقيات لكي تشمل جميع الناس هو تفكير غير سليم و ربما ظالم نوعا ما .. لأن التخصيص هو الأدق و هو الأقرب إلى الحقيقة و إلى العدل .. فلا يجوز عقلا و منطقا اعتبار جميع الناس متشابهون لأن هذا الشيء يتعارض مع حقيقة الاختلاف ..
هل أخلاقك هي نفسها أخلاقي ؟
أو الأخلاق تقاس بالأحرى على المرجعية التي أتخذها تلك المجموعة من الناس أو تلك، فنحن نحرم الخمر والموسيقى لأن مرجعيتنا هو الدين، وقد لا تتقاطع أن تكون تلك الأشياء المحرمة مضرة في نفس الوقت، نعم لا يجوز أن نعتبر الأشخاص متشابهون تلقائيًا أو تطبيق مرجعية أخلاقية واحدة عليهم.
@Abdelrahman212 صحيح و لكن ماذا لو كانت التجارب العلمية تثبت شيئا مختلفا عن ما جاء في المرجعية ؟ و لا أقصد مضار الخمر و الموسيقى بل أشياء أخرى .. هل نصدق حواسنا و عقولنا أم نصدق عقول أخرى ؟
سؤال مهم ويحتاج للتدبر، في أحيان كثيرة مثلُا أرى أطباء وأساتذة في مجال البيولوجيا مقتنعين تمامًا بنظرية التطور رغم كونهم مسلمين، وأتسائل كيف يمكنهما تبني مرجعيتين في نفس الوقت، مرجعية مادية وعلمية ومرجعية دينية، وكانت إجابتهم أنهم لن يكذبوا حواسهم التي تجعلهم يروا حقيقة التطور، وربما هنا يكون ارتباطهم بالدين مجرد بحث للدعم الروحاني.
@Abdelrahman212 إذا كان الإقتناع بنظرية علمية يشبه الإقتناع ببديهية من البديهيات كحقيقة وجود الضوء رغم وجود رأي ديني مختلف .. في هذه الحالة ينبغي استشارة كبار علماء الدين فقد اكتشفوا من قبل احاديث ضعيفة منسوبة للدين و هي ليست منه .. هناك محاولات مستمرة للانتحال و السعي إلى تقويض الأديان و صناعة دين جديد كما هو حال عصرنا الحالي و بداية ظهور نظام عالمي جديد
و قد يضرنا نحن شرب الخمر بينما آخرون يشربونها بلا أي ضرر
مثال غير موفق لأن ضرر الخمر مؤكد وليس نسبي بيني وبينك، بجانب أضراره التي حرم من أجلها، فالأخلاقيات بالعموم ليست نسبية، هناك أخلاقيات لا خلاف عليها وهي مضرة للكل حتى لو كان الضرر غير مدرك من طرف الشخص نفسه، يعني مثلا من يكذب هو لا يدرك أن الكذب يضره هو أيضا بل يجد أنه يحقق غاياته من خلاله، وكذلك النفاق إلى أخره، فكيف هنا أن نقبل بالنسبية بين أخلاق معلوم ومؤكد ضررها على الجميع
منطق الأخلاق لا يجب أن يكون محصورًا في مقارنة الأفعال، بل في فهم تأثيرها العميق. بعض الأفعال قد تكون ضارة على المدى الطويل حتى لو لم ندركها فورًا!
الأخلاق لا تُقاس بتفضيلات الأفراد، بل بما يرضي الله ويخدم مصلحة المجتمع. ما يضر الإنسان، سواء كان يعلمه أو لا، لا بد أن يكون محرمًا أو مكروهًا. لا يجوز أن نعتبر الضرر النسبي أو الاختلاف في التفسير سببًا لتغيير الحقائق الثابتة. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، لذا يجب أن نلتزم وإلا انتشرت الفوضى والعبطية بسبب تفسير كل شخص للاخلاق على هواه..سيقول لك القاتل المأجور ان القتل لا يتعارض مع أخلاقه.
الأخلاق لا تتغير بتغير الأزمان أو الأشخاص أو أفكار الأشخاص
@Rafik_bn هناك مثال يحضرني و لم أجد له تفسير مقنع حتى الآن و قد بدا لي شيئا خارجا عن المنطق و العقل تماما و هو تكفير تارك الصلاة .. فلو نظرنا للصلاة كشعيرة تعبدية هي شيء يتعلق بين المصلي و بين خالقه .. فترك الصلاة هو شيء لا يضر الناس المصلين و مع ذلك تجدهم يتتبعون تارك الصلاة كما لو أنه مجرم حرب و بالمقابل لا تجدهم يتتبعون اللصوص و المجرمين و لا يبلغون عنهم .. فلو قمنا بمقارنة بين الإثم الأعظم و الذي يؤدي لتضرر الناس ستجد أنه ( السرقة + الغش في البيوع + الزنى + القتل + السحر ) .. و لن تجد أن تارك الصلاة يضر الناس فإذا كان سيضر أحدا فسيضر نفسه .. فالصلاة تنفعه لوحده و بالتالي لا معنى لتكفيره .. فهو لا يصلي للناس بل يصلي لخالقه و إذا لم يصلي فهو يؤذي نفسه .. و لذلك لا أزال لا أدري ما سبب استنكار الناس لتارك الصلاة بدون أن يعرفوا أسبابه و ظروفه و لا حالته و لا أدري كيف أمكنهم منح انفسهم الحق الرباني في محاسبته .. بأي صفة و بأي سبب يتم تكفيره !! .. و هذا مجرد رأي و تساؤل و ليس تصدير فتوى حتى لا يفهم أي قارئ أنني أبرر لترك الصلاة .. بل إنني أدعو للصلاة و الالتزام بها لمن استطاع إليها سبيلا أما الذي لم يستطع و لم يهدي الله قلبه فندعو له بانشراح الصدر لرؤية معنى الصلاة و فائدتها .. و لكن لا نكفره و لا نتدخل فيه لأن تدخلنا يزيده كرها و ابتعادا عن الصلاة ..
تكفير تارك الصلاة ليس نحن من أقررناه، الله هو من أقره ورسوله صلى الله عليه وسلم قال من تركها فقد كفر، اما بقية الذنوب التي ذكرتها فهي من الكبائر ويجب ان نحذر وننهى عنها بالتأكيد لكنها لا تصل لعظمة ترك الصلاة لذا لا تخدع نفسك.
طبعا أنا أقصد التارك المتعمد ( لا جدال في كفره) وليس المتكاسل الذي يصلي ويترك ويتقطع فيها وكذا هذا لا ينكرها واذا قلتله صلي يقلك الله يهدينا ويثبتنا وهذا لا يوجد اي شخص ولا اي عالم كفّّره، هذا ليس كافر إطلاقا لكنه طبعا مذنب..
وإذا كنت تقصد أن الناس صارت تحاسب تارك الصلاة الثاني (المتكاسل وليس المتعمد) فصحيح ليسوا أربابا ليحاسبوه لكن تذكيره واجب ونصحه واجب وإن تركوه بلا تذكير ولا نصيحة فهم مذنبون!
@Rafik_bn حسنا أنا أقصد تارك الصلاة غير المتعمد الذي يستثقل الصلاة لأنها شيء روتيني و هو بطبيعته و فطرته ينفر من الإلتزام و الروتين ليس لأنه جاحد أو كافر أو مخالف متعمد .. بل لأنه شخص بطبيعته يميل للتغيير و لا يجد أي راحة في تقليد شيء هناك من يقومون به أو لا يوجد له جدوى أو ربما هو غير مفهوم لديه بعد .. فهو ليس جاحد و يتمنى أن يأتي يوم و يلتزم فيه مثل الناس فربما عند بلوغ سن متقدم كالأربعين فما فوق .. فكثير ممن يتركون الصلاة لا يتركونها جحودا بها بل يتركونها لأنها طقوس روتينية و هم بطبيعتهم لم ينضجوا نفسيا بعد لكي يرتاحو صحيا و جسديا للأداء الروتيني .. فربما جانبهم الحسي لا يتطور إلا بعد سن الأربعين
تارك الصلاة المتكاسل غير المتعمد الذي لا ينكرها لم أمر سابقا على عالم قد كفره وإن كفره بعض العامة فعن جهل منهم او سوء اسلوب في تقديم النصيحة والامر بالمعروف..
لكن أود تنويهك على أمر مهم،
فربما جانبهم الحسي لا يتطور إلا بعد سن الأربعين
سن التكليف ليس الأربعين كما تعلم! ولو انتظرنا حتى يوافقنا هوانا وحِسُّنا على الأمر كي ننفذه، فأين مجاهدة النفس؟ لماذا هي دنيا إذا وهي اختبار عبادة.. إن كنا لن نقوم بالعبادة حتى تتوافق مع هوانا وتصير أسهل لنا.. بالطبع لا يجوز تكفير حتى من يفكر بهذه الطريقة ونرجو له الهداية لكن هذه العقلية مهزلة برأيي، مهزلة عظيمة جدا.. على الأقل على المتكاسل أن لا يفكر بهذه الطريقة ويجاهد نفسه بدلا من ذلك ولا يبرر لنفسه بأعذار واهية كعدم تعود الروتين وكذا وهي في الحقيقة خدعة من النفس الأمارة لإماتة الضمير،
الذي يجاهد نفسه ويعارض هواه ولا يتخذ هذه الأعذار على الاقل مهما طال الزمن سيوفقه الله للالتزام بها يوما ما لأن الله قال في معنى الآية والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا.
و في النهاية يا صديقي، إن كنت تريد أن تعرف العذر إن كان حقا شرعيا مقنعا أو واهيا تافها فتخيل نفسك أنك تتعذر به امام الله عندما يسألك عن الصلاة في يوم القيامة هل ستقول له انتظرت الأربعين لأنني لم اكن ناضجا حسيا للتعود على الروتين الممل؟!! إجابتك لنفسك ستكشف لك كل شيء
التعميم هنا واجب والدعوات التي تقر بنسبية الأخلاق أراها تمهد لانحرافات سلوكية وفكرية مسبقة التبرير، فأنا في ديني أعرف أن الخمر محرم والموسيقى كذلك هذا بالنسبة لي تعميم على الجميع لي هنا حق النصح والنهي ولكن ليس الأجبار أو الإعتراف بالنسبية أي لا أغالي في التمسك أو الترك.
أما أن أقول أن كينونتها تعتمد على المنفعة الشخصية فهذا يدعو للنسبية التي كانت أول الانحراف المشهود من بعد دعوة فلاسفة اليونان بالقرار بنسبية الأخلاق.
@Eslam_salah1 الحياة التي نعيش فيها لا يصح فيها التعميم إلا في الأخلاق المثبت عموميتها و شموليتها بما لا مجال للشك فيه بينما هناك حالات تتطلب وجود استثناءات و ينبغي أن لا يكون فيها تعميم لأن التعميم ظالم .. فالاستثناءات قد تحصل لسبب وجيه يستحق الوقوف عنده 👍
التعليقات