السلام عليكم يا رفاق؛ أنا فاطمة ودي هتكون بداية سرد المعنى من حلقات د/عماد رشاد الخاصة بسلسلة ( التحرر من الماضي) واللي هتناولها معاكم بإذن الله بصور أسبوعية بمقدار مرة كل أسبوع، هنحاول سوا نسلط الضوء على أهم التساؤلات وهيكون فيه مساحة للنقاش من خلال « الكومنتات» وده من منطلق تأثير التعلم بيكون أكبر لما بنشارك العلم ده ونحاول نفيد ونأثر بيه، وربنا يرزقنا السداد في القول والعمل ويحسن ما بين إيدينا.

بسم الله نبدأ♥️

في بداية الحلقة الأولى من السلسلة واللي كانت بعنوان « عن الألم القديم والفقد والحرمان» د.عماد ذكر قصة الشخص اللي كان بيحكي عن معاناته من قسوة أبيه وشدة انتقاده وكان بيقول إن أكتر جزء مأثر فيه إن والده كان كثير الانتقاد للأشياء اللي هو بيحبها، لفت نظري إنه في نفس القعدة الشخص ده سخر وانتقد صديقه علشان بيتعلم بيانو وهو كبير، فكتير أووي بنتلبس شخصية الجاني من غير ما نحس، بمعنى إننا ممكن نكون اتعرضنا لألم معين في طفولتنا أو في الماضي، فمن غير ما نحس إحنا كمان ممكن نمارس نفس الأذى على اللي حوالينا. ده في علم النفس اسمه "نموذج التماهي مع المعتدي" ده نموذج منتشر وبنشوفه كتير وفي الغالب الشخص ده مش بيكون مدرك إنه في لحظات معينة بيتحول لنسخة من الشخص المؤذي، إمتى هيدرك؟ لما يفهم ألمه وأسبابه والرسالة اللي بيحاول الألم ده يوصلها ليه.

في الواقع اللي إحنا بنعيش فيه هنلاقي نموذج الضحية مقابل نموذج الصلابة، وبنشوف فيه صراع بينهم، الأول شخص متجمد في ألمه وبيعرّف نفسه من خلال الألم وبس ولسان حاله بيقول: (أنا المتألم) والتاني لابس قناع الشخص القوي الصلب وفي نفس الوقت بينّظر ويسخر من الحديث عن الألم والصدمات وبيظهر في مظهر الشخص ال دايما بيقلل من معاناة غيره، المشكلة إن في ظل تصادم النموذجين دول بيغيب النموذج المتوازن ( اللي هو الشخص الوسطي المعتدل)

د/عماد قال قاعدة في غاية الجمال، قال: "الألم الذي لا يتحول إلى سردية يتحول إلى هوية" معنى القاعدة دي إن الإنسان يحكي عن تجربته وألمه بس يحكي بلسان الناجي المتعلم، يحكي كأنه بطل الحكاية، مريت بواحد، اتنين، تلاتة واتعلمت من التجربة دي والألم ده واحد اتنين، تلاتة، والألم ده ربنا أوجده علشان يعلمني رسالة ومعنى حتى لو كانت مؤلمة.

عارفين الوسطية؟ أهي دي النقطة اللي بيحاول د/ عماد يوجه بصرنا ليها من خلال القاعدة دي، يعني لا أنا بادي بمظهر الصلب طول الوقت ولا أنا منصهر في دور الضحية المتألمة طول الوقت، لكن بحاول أخد الرسالة اللي جاية ليا من خلال التجربة المؤلمة دي، وأكمل وأنا أكثر رحمة وأكثر فهمًا لذاتي، وبحكي وأنا حاسس بتقبل وامتنان مش للوم ونواح.

سبحان الله المعنى ده أيقظ جوايا معنى إن الإنسان طول ما هو في الدنيا فهو مختبر ومبتلي، وكل شخص بيستجيب للألم ده بدرجة متفاوتة عن التاني، لكن اللي بيفرق إنسان عن التاني، شكل الدور اللي بيقولب نفسه فيه، ومدى فهمه وتقبله لفكرة إن الألم شيء ضروري للوجود الإنساني، وإن بدون الألم والعثرات دي، الإنسان هيكون عايش في ملل وثابت مش بيتحرك.

وعلى ذكر السردية، لما بسمع حد بيتكلم عن المعنى من ألمه وعن المكاسب اللي طلع بيها خلال رحلة الألم دي، بكون مبسوطة، بفرح بـ أي إنسان بيتجرد من شعارات الضحية، وبيختار يوصف ألمه بلسان البطل الناجي، ده كمان سرديته لألمه ممكن تكون بمثابة ضوء لحد تاني إنه يتعلم ويدور هو كمان على المعنى من ألمه ويبدأ يحلله ويشوف المخزى منه.

في نقطة تانية اتكلم د.عماد عن الحرمان وتأثيره ودرجاته، لفت نظري إنه قال: « كل علاقة في الدنيا فيها فجوة حرمان» هو بعيدًا عن المعنى العميق منها، لو تأملنا شوية هنلاقي إننا عايشين في دنيا مش في جنة، وإن الجزء الناقص ده هو الأساس، وإن الكمال مش هُنا، ليه طول الوقت بندّور عليه؟ حتى في رحلة المعافاة بنسعى للكمال! لذلك دايرة الحرمان لو في الإطار الصحي الطبيعي بتكون هي المحرك الأساسي للإنسان، ومن هذا المنطلق نلاقي التوق في ثوبه الصحي، ربنا خلق النفس تواقة، عندها توق تجرب أي جديد وعندها شوق تكمل الجزء الناقص، لذلك التوق هو السعي لما هو قادم مع الحفاظ على النعم المتاحة، وأهم علاقة بيكون فيها حرمان هي العلاقة الأبوية، ولما بيكون الحرمان بالقدر المسموح بيكون هو السبب إن الإنسان ينمو.

بدون النقص ده بيكون فيه ملل وتجمد داخلي، طيب هل في حرمان بيشل الإنسان؟ أو يأثر عليه؟ دكتور عماد اتكلم عن ثلاث أنواع من الحرمان وكل نوع ليه تأثير مختلف على الإنسان وكمان بيختلف التأثير ده من شخص للتاني حسب استجابة كل شخص:

١-حرمان طبيعي: ده بيكون بمقدار صحي وبيكون هو الدافع إن يحرك الإنسان ويسمح ليه بالنمو، وده بيكون عائق بالنسبة للناس اللي بتسعى للكمال، فبالنسبة ليهم إن يكون في حرمان أو نقص أزمة لأنهم اتربوا على الاشباع التام.

٢- الحرمان المؤثر: دي بيكون في أجزاء معينة، الإنسان بيتحرك عادي بس بيكون محتاج يشتغل على نفسه في جزء التزكية علشان يعالج الأجزاء اللي دايرة الحرمان أثرت عليه بشكل بقا عامل ليه حساسية.

٣- الحرمان المؤذي أو المؤرق: ده بيكون الإنسان اتعرض لدايرة حرمان شديدة وبقدر اتساع الدايرة دي حصله تشوه داخلي فبيكون محتاج رحلة تعافي علشان يقدر يبدأ من تاني.

سبحان الله وأنا بسمع الجزء الخاص بالحرمان، مر في بالي كلام دكتور أحمد الفقي وهو بيكلمنا عن الاحتياجات البشرية وتأثيرها على طفولتنا وعلى شخصيتنا في المستقبل، فالجزء الخاص بالحرمان المؤثر ده عامل بالظبط زي إعادة تشكيل الهرم الخاص بمصادر تلبية احتياجات الإنسان، وإننا لما بنبصر بالنواقص ونفهم الألم وأسبابه بيكون عندنا وعي إننا نعرف إيه المصادر الصحية لتلبية الاحتياجات دي. (هعمل ليكم مقال مفصل بإذن الله عن المصادر الصحية لتلبية الاحتياجات البشرية)

أنا يمكن متكلمتش عن كل حاجة تم ذكرها في الحلقة، لأن بالنسبة لي دي وقفات تأملية بتكلم فيها معاكم عن المعاني اللي لمستني، محتاجة أعرف وجهة نظركم في الحلقة وإيه أكتر تساؤل جه في دماغكم؟

#فاطمة_شجيع