يميل البشر إلى التأثر بمأساة شخص واحد أكثر من التأثر بمأساة مجموعة!

هذا لأن المخ لا يستطيع التعاطف مع الأعداد الكبيرة، وموضوع جمع التبرعات هو أصلًا عملية سيكولوجية بحتة، تعتمد في أساسها على مخاطبة العقل مباشرة. فكيف تفعل ذلك؟ أنت تريد من مستقبل المعلومة أن يتعاطف من الحالة الخاصة بك ويتبرع من أمواله، فهنا مشاهدته لطفلة صغيرة تبكي، أو طفل مشرد ويعاني، هذا يثير عاطفته ويجعله يشعر أن ما سيتبرع به سينقذ هذا الطفل فورًا، وكأن ذلك مكافاة لعقله على ما قدمه من أموال، "فعل وله مردوده"، أما لو وضعت صور لمئات وألوفات من الأشخاص، فهنا المتبرع سيشعر أن أي مبلغ سيدفعه ليس له أي قيمة، بمعنى أنه لن ينقذ أحدًا بعينه، وقد يشك أن النقود ستصل إليهم من الأساس، في حين أن تلك الطريقة مثلًا قد تفيد في إقناع بعض من أصحاب المليارات بمعرفة أن "جزء من الملايين الخاصة بهم" قد تنقذ حياة مدينة بأكملها، فهنا نعود مرة أخرى لمكافأة العقل "فعل وله مردوده"، لذا تحدث إلى كل شخص بلغته والأفضل دائمًا أن تجعل القصة حول واحد أو اثنين على الأكثر، فهل تتفق معي أم رأيك يختلف عن ذلك؟

ربما لأننا نشعر بقدرتنا الفردية على مساعدة الحالة الواحدة، لكن يصيبنا الإحباط حين ندرك أن مساهمتنا بدون غيرنا لن تساعد بشيء تقريبًا. فالتبرع بعشرين دولار شهريًا لطفلة تعاني من الجوع يضمن أن يصلها ما يسد جوعها، وإن تبرع لها شخص ثان وثالث فسيصلها معونة تكفي لأكثر من الطعام، لكن ماذا ستفعل مائة دولار حتى لملايين الجوعى بدون أن يتبرع عشرات الآلاف غيرنا، وهو الأمر غير المضمون.

لا أقول أن هذا هو الصواب، لكني أصف الحالة النفسية للمتبرع، وإن اقترحت حلًا فهو إذًا تقسيم الملايين من المحتاجين إلى أسر، مثلما في تبرعات "اكفل اسرة فقيرة"، فهذا حل عملي أفضل.