عادة ، أبغض أجواء السبعينات .. وأفلام السبعينات .. وحياة السبعينات .. واغاني السبعينات وأي شيء له علاقة بالسبعينات .. وأراها أسوأ فترة من الممكن أن يعيش فيها إنسـان ..
لو كنت أحيا شبابي في السبعينات ، ومحاط طوال الوقت بالافلام المصرية واللبنانية الهابطة ، وأفيشات أفلام حسين فهمي وسهير رمزي في كل مكان ، كنت سأشعر ان الحياة خانقة فعلاً ..
الأمر الوحيد الذي أحببته من عالم السبعينات ، هو فيلم البرتقالة الآلية .. انتاج 1972 ، اخراج أعظم مخرج أمريكي على الإطلاق ، الأسطورة : ستـانلي كوبـريك ..
فيلم رائع لدرجة تثير الغثيـان فعلاً ..
الفيلم قائم على رواية بنفس الإسم ، ديستوبيـا عن بريطانيا ، تجسّــد مرحلة ما في المستقبل ( المستقبل بالنسبة لأوائل السبعينات هو العام 2001 الذي تجاوزناه منذ فترة طويلة ) ..
شاب أرعن مراهق ، يشكل تنظيم عصابي مع شباب مثله ، مجرمين ، فتّـاكين ، مستهترين .. يتم القبض عليه ، وتعذيبه بوسائل بشعة ، ثم إطلاقه مرة أخرى للمجتمع .. فيتحوّل المجرم الى ضحية ..
يخرج من السجن ، فيقع بين يدي أحد ضحاياه الذين تهجم عليهم مسبقاً .. فيقوم الضحية - بعد أن يتذكـر المجرم - بتعذيبه مرة أخرى .. يدخل المستشفى ، فيجد أن الحكومة البريطانية تحاول أن تراضيه ، بشرط ألا يخبر الصحافة انه تم تعذيبه !
حالة من الجنون المطلق .. شرّ محض ، لا يمكن أن يجتمع في ساعتين ونصف امامك ، إلا وأن تشعر بإنقباض حقيقي وأنت تشاهده .. وغالباً سوف يترك بداخلك اثراً عميقاً يستمر ربما لأسبوع كامل ..
من أفضـل وأعظم أفلام ( كوبريك ) على الإطلاق فعلاً .. تحفة فنيّــة بكل المقاييس ، جعلته من أفضل 100 فيلم في تاريخ السينمـا الامريكية..
المواصفات الفنيّــة للفيلم :
تقييم مرتفع على الـ IMDB وهذا طبيعي 8.4
صورة سينمائية " سبعينـاتيّـــة " نعم .. ولكن الرجل كعادته متطوّر جداً في استخدام تقنيـات سينمائية سابقة لعصره ، جعلته أقرب قليلاً لأفلام الثمـانينيات ..
الممثل ( مالكولم ماكدويل ) الذي أدى دور البطولة ، تقريباً خلده التاريخ كله بهذا الفيلم تحديداً .. كل ما جاء بعده مجرد تحصيل حاصل .. اليوم هذا الممثل تجاوز السبعين ، وتغير شكله تماماً عن ذلك المراهق الأرعن الأحمق البغيض في الفيلم !
المشاهدة العائلية : الفيلم غير قابل للمشاهدة العائلية .. به مشاهد غير لائقة ، وعنف مفرط شديد ، ومشاهد تعذيب .. سيكون من الأفضـل مشاهدته إذا حصلت على نسخة Cut منه ، مفرّغة من المشاهدة غير اللائقة والعنيفة جداً .. وكان هذا السبب ( المشاهدة العنيفة وغير اللائقة ) سبباً في منعه فترة طويلة في دور العرض في بريطانيا وأمريكا هذه الفترة ..
خطورة هذا الفيلم وصلت ان انتشاره في بريطانيا لفترة بسيطة وقت عرضه في السبعينات ، ساعد الشباب والمراهقين في تقليد شخصية بطل الفيلم المجرم ، مما أدى الى حظــر مشاهدته لفترة طويلة ..
بإختصار .. فيلم رائع فنيـاً ، أثار بداخلي الغثيان والضيق ومشاعر متضاربة من الضيق والكراهية والدهشة والاحتقار والشفقة .. والفيلم القادر على إثـارة كل هذه المعاني بداخلك ، خلال ساعتين ونصف ، هو فيلم رائع فعلاً ..
فيلم رائع لدرجة تثير الغثيان .. وفيلم " مريض " لدرجة تثير الإعجاب ..
التعليقات