شاهدتُ منذ فترة فيلم «Spring, Summer, Fall, Winter... and Spring»، الفيلم يبدأ براهب كبير في العُمر ومعه تلميذه الشاب، ثم تقع الأزمة عندما تأتي فتاة شابة إلى الدير، إذ يضاجع التلميذ الفتاة ويهرب معها إلى المدينة تاركًا الراهب وحده! تمضي الأيام، تمضي طويلاً، عديد السنين، إلى أن يعود التلميذ إلى الدير هاربًا إثر تورطه في قتل الفتاة بسبب الغيرة، وعندئذ يتذكر الكلام الذي تفوّه به الراهب الذي حذره من أن حب المرأة يؤدي إلى التعلُّق.

الفيلسوف سلافوي جيجيك يقول عن هذا الأمر، أنّ أول ما يمكن أن نفعله حقيقةً أن نحاكم الفيلم بسؤاله الأوضح: وهو السؤال عن سبب قتل الشاب للفتاة، وعن لماذا كان حبّه أناني إلى هذه الدرجة؟ 

لكن ماذا بعد هذا السؤال؟  هنا أحب أنا أن أطرح سؤالاً، يُحيّرني أنا قبل الجميع: ماذا لو كانت تربية الشاب البوذية النبيلة الخيّرة هي بالذات ما أدّت به إلى هذا الفعل الشنيع البشع؟

في تفكير هذا الشاب الذي في الفيلم وغيره ممن يعيشون في العالم الحقيقي الذين يتّبعون فلسفة معينة سواء كانت دينية أو فكرية، فكرة غريبة، هي أنّ كل ما عدا قوقعته وأفكاره هو عالم شرير قد يغدر بنا في أيّ لحظة، يقول الفيلسوف الألماني هيغل: إن الشر يكمُن في النظرة التي تُبصر الشر في كل مكان.

وأنا أوافق هذا الرجل فعلاً الرأي، فغالب الأذى الحقيقي في العالم لا يرتكبه إلّا العلماء البيولوجيين أو أصحاب الأفكار الفلسفية أو ربما الدنينية، المواطن العادي، الإنسان العادي عادةً لا يتجرّأ على هذه الأمور، ولذلك أعود لسؤالي الأوّل الأن، هل طريق الخير الذي نسلكه الأن قد يؤدي بنا إلى آلام وشرور يمكن أن نتجنّبها؟ هل العدسة الفكرية التي تحمل همّاً في إصلاح العالم، يمكن أن تهدم ذواتنا؟ هل لاحظتم معي أيضاً، أنّ دمار الكثير من الأُسر والمجتمعات كان السبب الأوّلي لهذا الدمار فكرة نبيلة لرجل نبيل؟ كلّها أسئلة تستحقُّ أجزاء من أوقاتنا برأيي للتفكير في ماهيّتها.