تحدثت في أحد مقالاتي السابقة عن توظيف البيانات في التسويق، وأشرت إلى أن هذه البيانات التي تستغل في تطوير مجال التسويق وبناء الإعلانات الموجهة هي البيانات التي يتم الحصول عليها من نشاطنا الشخصي على شبكة الانترنت، فحصول الشركات على معلومات حول نشاطنا على الشبكة يعني أن خصوصيتنا منتهكة.

فكرة انتهاك خصوصيتنا من قبل الشركات الرقمية الكبيرة أثارت قلق العديد من الأشخاص وحركت منذ سنوات العديد من المختصين في المجال التقني والنشطاء الحقوقيون للضغط على الشركات الرقمية الكبرى لإقرار تغييرات من شأنها أن حماية خصوصيتنا.

شركة أبل الشهيرة كانت من أولى المستجيبين لهذه الدعوات حيث أقرت تحديثات جديدة في أخر اصدارات IOS 14 تشترط على مطوري التطبيقات والفاعلين في هذه الصناعة الحصول على إذن المستخدمين للوصول إلى IDFA المستخدم، وهو ما لن يوافق عليه معظم المستخدمون. تحديثات أبل لتعزيز الأمان والخصوصية خبر جميل لنا نحن المستخدمين، لكنه على العكس تماما للشركات وصناع الإعلانات لأنه سيقلل من فاعلية الإعلانات المستهدفة، ما يعني خسارة كبيرة للشركات.

كيف يمكن لهذه القرارات أن تؤثر على مجال الإعلان الرقمي؟

يتوقع أن يؤثر هذا التغيير على قدرة ملايين الشركات وخصوصا الصغيرة منها على صنع الاعلانات المخصصة التي تعتمد عليها هذه الشركات في العثور على العملاء والوصول إليهم. وبناءا على هذا التغيير سيكون على الشركات تعيين شرائح العملاء واستهدافهم بدون استخدام البيانات الشخصية، وهو ما تقوم به قوقل الآن باستخدامها لمعلومات محتوى الموقع وبياناته بدلا من محتوى مستخدمي المواقع.

أيضا، سينتج عن هذه الإجراءات اتجاه الشركات لاعتماد الاعلانات المدمجة داخل المحتوى Native Ads لاستهداف العملاء، لكن هذا سيتطلب تقديم محتوى قيم للمستهلكين أولا، ثم معرفة كيفية توجيه العملاء مباشرة للمنتج وتأهيلهم لإعادة استهدافهم. وتكمن أهمية هذا النوع من المحتوى في بناء ثقة العملاء بالعلامة التجارية ما قد يجعلهم يوافقون على تقديم بياناتهم الشخصية طوعا لهذه الشركات لاستهدافهم بمنتجاتها مستقبلا.أي الانتقال بعيدا عن النماذج التي تركز على المستخدم و الاستثمار في فهم الجمهورهم بشكل أفضل.

ومن المتوقع أن تقلل هذه الخطوة من أبل ايرادات فيسبوك بنسبة تصل إلى 7% وهذا ما يفسر الهجوم الكبير من ادارة الموقع وصاحبه مارك زوكربيرغ على قرار أبل هذا. ومن ردت الفعل هذه أعتقد بأننا نستطيع أن نتوقع من أن الشركات الكبيرة المتضررة من الاجراءات الجديدة لن تسكت وستجد حلا ما.

في رأيكم إلى أي درجة ستؤثر قوانين الأمان وحماية الخصوصية على شكل مجال الاعلانات الرقمية؟

هل يمكن للبدائل المقترحة في المقال أن تقدم نتائج مشابهة للاعلانات المبنية باستغلال بيانات المستخدمين؟