في منتصف السبعينات بدّت كوكاكولا كرجل عجوز فقد حيويته، رغم تمتعها بحصة سوقية كبيرة ، إلا إن البعض عزا ذلك لسياسة الرئيس التنفيذي (جيه بول أوستن) قبل خروجه على المعاش فإنعكس ذلك على روح الشركة بأن إنخفض معدل النمو من 13% سنوياً إلى أقل من 2%.

وفي المقابل كانت بيبسي في أوج نجاحها فقد حققت حملاتها الإعلانية "جيل بيبسي" إنتشاراً كبيراً وساهمت في تعزيز صورتها الذهنية المرتبطة بالمغامرة والحيوية ،ومما زاد موقف كوكاكولا سوءاً، أن أظهرت اختبارات المذاق تفضيل المستهلك لبيبسي ، فزادت الحصة السوقية لبيبسي من 1% إلى 6% في السوق الأمريكي وعلى الرغم إن معدل إنفاق كوكاكولا يفوق بيبسي بأكثر من 100 مليون دولار في الأنشطة التسويقية يدعمها شبكة عملاقة من الآت البيع ، و نصيب الأسد في أرفف العرض في المحلات والأسواق التجارية الإ إن ذلك لم يغير من حقيقة إن حصة كوكاكولا السوقية كانت تتآكل..

وبات الأمر معلق ببحوث التسويق لمعرفة السبب، وجاءت النتيجة تؤكد إن الاشكالية في المذاق ، وعلى الفور قام القسم الفنى بتطوير مذاق جديد لكوكاكولا في أكبر اختبار مذاق على الإطلاق بلغت تكلفته 4 ملايين دولار، استحسن فيه 55% من 191 ألف شخص المذاق الجديد وتمت الموافقة على تغيير النكهة وسحب الكوكاكولا القديمة من السوق.

وكانت خطوة فيها مغامرة كبيرة الإ إن الرئيس التنفيذى الجديد جويزيتا حسم الأمر ومع بداية التنفيذ فوجئت الشركة بما لم تتوقعه حيث رفض المستهلك المنتج الجديد و وصلت الاحتجاجات عبر الهاتف إلى خمسة ألاف مكالمة يومياً واكبها هجوم من وسائل الإعلام ، و دعوات لمقاطعة كوكاكولا

وإعتبر الخبراء خطأ كوكاكولا واحد من أكبر الأخطاء التسويقية في العصر الحديث.

فبينما كان اعتماد مجلس الادارة على الدراسات والبحوث في اعتماد المنتج الجديد الإ إن هذه الدراسات تجاهلت عدة عوامل رئيسية:

عامل الولاء :

عادة ما يختار الأشخاص في إختبار التذوق المذاق الأحلى،وليس المذاق الأفضل، منهجية الاختبار افتقرت لكثير من الضوابط كما أهملت قيمة إنتماء المستهلك للعلامة التجارية حيث يعد المحفز الأهم في عملية الشراء.

العامل النفسي :

مع التغيرات المتسارعة في السوق ، كان رغبة المجتمع الأمريكي في التشبث برمز يمثل الأمان والثبات حتى لو كان هذا الرمز هو المذاق التقليدي للكوكاكولا ، حيث تمثل كوكاكولا جزء من تاريخهم بعلامة تجارية تجاوز عمرها المائة عام .

العلاقات العامة:

اعتمدت كوكاكولا على الإعلانات فقط وأهملت العلاقات العامة في ترويج مفهوم نيو كوك للجمهور في خطوة إعتبرها المحللين تعالياً على الجمهور.

تداركت كوكاكولا ذلك بالإعتذار وأعادت الطعم الكلاسيكي لكوكاكولا ، - و لرب ضارة نافعة- فقد ساعدت هذه المظاهرات في إعادة مكانة كوكاكولا السوقية وساهم وجود منتجين في السوق كوكاكولا الكلاسيكية ونيو كولا على تحفيز المبيعات لتزيد من 10% إلى 40% في مقابل 31 % حصة بيبسي في السوق المحلي.

درس كوكاكولا أصبح ضمن مناهج التسويق في كليات التسويق، فإذا كان من المهم الإعداد والتحضير للحملات التسويقية فالأهم عدم إغفال الجوانب الثقافية والنفسية للجمهور في بحوث التسويق