الإنسان بوصفه عضوية حية قادرة على الإستقلاب و خاضعةٍ لمبادئ الجاذبية الأرضية "كائن جميل إلا أنه متغظرس" يعتقد أن كل ما يمر به حدث متفردٌ خاصٌ به، تضافرة كل قوى الكون من أجل مراعاة من أجل مراعاة مشاعره الرقيقة فيه، فاواقع ليس ذلك فأنت لست الوحيد الذي نجح في إمتحانٍ أو إرتقى لمنصبٍ ما، لست الوحيد الذي كسب مالاً، و لست الوحيد الذي إشترى منزلاً، و لست الوحيد الذي أنجب طفلة أو طفلاً رقيقاً عندما ضغط أو ضغط على يده شعر بأنه ملكٌ للدنيا بأجمعها...
أنت لست الوحيد في ذلك، هذا على المجال الشخصي الضيق الذي نرى بوضحٍ أن عنصر التكرار العنيف يحمه بشدة مذهلة تكادُ لا تصدق، فكيف إذا بالمجال الأكبر و الأوسع و الأعم زمنياً ! فكيف إذا بالتاريخ بأكمله، الحياة مليئة بالقواعد التي تتجاهلها عمداً بسبب رغبة رغبةٍ فظولية طفولية موجودة لدى كل إنسان فإستكشاف المجهول رغبتاً في أن تدخُل ذلك الكهف المظلم الذي تكلم عنه الناس دون أن تعلم أن كل من ولِدَ في هذه الحياة يعتقد أنه أول من سيدخُل هذا الكهف الذي دخله الجميع من قبل...
من غير والديك فلا أحد يحبك، هذا ليس كلاماً عاطفياً "ساذجاً" بل للأمر جذور أصلية بل يمكن القول أنها جذورٌ بيولوجية تدفع نحو حدوث هذا الأمر، يقولدافيد باس رائد علم النفس التطوري في كتابه علم النفس التطوري تخيل أن تعطي للجينة "المورثة" عقلاً تخيل أن تعطيها تفكيراً قادرة على القيام به، ما الذي ستفعله حينها من الذي ستجذبه نحوها، قطعاً بأنها ستفكر بالتقرب إلى الأشخاص الذي يحملون النمط الأقرب و المشابه لها و الدفاع عنهم و هم غالباً الوالدين الذي يحملون أقرب نمطٍ جينيٍ إليك و بذلك يمكن تفسير أن "الأب و الأم" في المرتبة الأولى و الأخرى و الأُخوة بمرتبة ثانية هم أكثر الأشخاص الحاملين لمشاعرٍ في إتجاهك، هذا من ناحية علمية مادية، لا أحد سيحبك باستثناء الأب و الأم لأن الإرتباط بينكم جيني، و أعتقد أنني بحاجة لإثباتٍ مطول لأدرك أن لك الوسط الآخر المحيط بك هو مجاملٌ و لا يأبى بك إطلاقاً، إذا فليس بالشيئ الخارق للعادة أن تكون شخصاً متفوقاً ناجحاً و غنياً في هذه الحياة طالما أن والدك صاحب منصب و مكانة في هذه الحياة و مملوءٌ بالأوسم و الألقاب و الشهادات و السلطات، فإنه فتح لك كل الأبواب المغلقة، و لكن الغير طبيعي حتماً هو إن أدارت الحياة ضهرها لك، و إن كان حقك بسيط و مالك قليل و كل شيئٍ متعثر في طريقك و قلت لنفسك لو كان الأمر سهلاً لعله الجميع...نعم إذا أردت الوصول إلى مرتبةٍ ما لا يصلها إلى القليل فلا بد أن تفعل تلك الأشياء التي يفعلها الناس، هي الأمور التي تصنف تحت طاولة المهام الصعبة لان كل ما هو سهلٌ سيكون عادياً، عندما تقضي وقتك على فيسبوك و تويتر و إنستجرام و غيرها من وسائل التواصل الإجتماعي فاعلم حينها أنه لديك مشكلة و أنك منعزل و غير متواصل إجتماعيا كما تعتقد لأن هذه المواقيع لا تستهدفً الإجتماعيين أبداً، بل تعمل على رفع صوت للذين لا صوتَ لهم، فالفيسبوك مثلاً بنصح أن نسميه بمنبر الضعفاء أو الذين لا صوت لهم...
بالمناسبة يقال أن متع الحياة الرئيسية هي الطعام النوم الجنس "آسف" و هذا شيئ جميل و متفق عليه، و لكن الجميل هو أنها متعٌ حيوانية بحتا...حاول أن تنمي ما بقي لك من إنسانية قبل الموت و لا تبالغ كثيرا بإخراج و إضهار مشاعر الود إتجاه أمور تفعلها جميع كائنا الأرض الحيوانية، خصوصاً أن بعض أصبح يمارس الإباحية الطعامية كما أسميها أنا على مواقع التواصل الإجتماعي، فتاة خرقاء لا تكف عن تعبيرها إتجاه حبها للبيتزا و شاب أبله لا يكف عن تعبيره لحبه للشورمة و كرشه التي طالما خذلته و الأمر السخيف في الموضوع أن الطعام و النوم و الجنس أمورٌ حيوانية بحتا، لا داعي أن تتفاخر و تظهر حبك لها لأنها موجودة عند الجميع...
ستموت و أنت حي و سيحترق قميصك و جمالك ستطويه الصفحات سريعاً و هاتفك سيبيده التطور التقني بعد عدة أسابيع ليصبح بعدها خردة، لذلك لا تتعلق بشيء و لا تتفاخر بالأشياء الذي تملكها هي من يملكك، عقلك سلاحك عبأه بالذخائر، أزل ذلك الصدأ العاطفية عنه عبأه بتفكير ناقد لا يقبل التسليم بأي شيئٍ دون سؤال، عباه بأشياء مختصرة لا تهويها ...
الخاتمة :
إذن الوقت محدود و كل يوم تطوى صفحاةٌ من صفحات كتابك ، خسارةٌ كبرا أن تخرج للحياة بنفس عقلك الذي دخلت به، خسارةٌ كبرى في أعتم معارك بسلاح فارغ أو سلاح صدأ أو سلاح عاطفي ساذج يرمي على أعدائه زهوراً بدل الأفكار ... تعلم من الآن و أقتل التسويف و لا تنسى إن الله معنا ، و شكراً أحبائي الكرام في حسوب I/O أريد آرائكم، و المعذرة على أي أخطاء في الموضوع.
التعليقات