صلاح الدين الأيوبي ونسبه الحقيقي للأكراد ام للعرب ام للترك قضية بدأ انتشار السؤال حولها حديثاً عنوان هذا السؤال يبدو انه " هل خدعنا طوال تلك السنين بكوردية صلاح الدين لانتشارها شعبياً؟" ولكي نبحث في ذلك علينا ان نعلم ان صلاح الدين الأيوبي كان رجلاً ذا بصمات خالدة بتاريخ المسلمين ومثال يحتذى به وهو فخر لكل المسلمين بمختلف اعراقهم،

لكن علينا ان نعلم أن الانساب ليست قضية التلاعب فيها او المجاملة بها من الأمور الهينة، فأن من الأنساب هي من ما اهتم به العرب منذ جاهليتهم وأكد عليه الأسلام

شرط ان يكون خالياً من التعنصر والاحتقار

وفي هذه المقالة سنخوض بنسب صلاح الدين الأيوبي موضحين لكم الرأي السديد فيه.

فمن هو صلاح الدين الأيوبي؟

هو الملك الناصر المظفر صلاح الدين بن يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب التكريتي (نسبة لمدينة تكريت في العراق) وهو من قادة الأسلام الشهيرين في تاريخه وقد أسس الدولة الأيوبية التي اعادت مصر والشام والحجاز وتهامة واليمن للدولة العباسية بعد أن اسقاطه على الدولة الفاطمية التي استمرت 262 سنة (1) حيث كانت مصر قبل ظهور صلاح الدين مقر الدولة الفاطمية وهي دولة شيعية اسماعيلية ، ولم يكن للخليفة الفاطمي بتلك الأيام سوى الدعاء على المنابر وكانت الأمور كلها بيد الوزراء، وكان وزير الدولة هو صاحب الأمر والنهي وهذا يمثل ضعفاً شديداً (2) وعقب اسقاطه لها تمكن بعد عناء طويل من كسر الصليبيين وكانت اولى انتصارته كسره بلدوين الرابع بمعركة مخاضعة يعقوب التي فر بها بلدوين بعد اسر حاشيته والذين نجو من جيش صلاح الدين من الى نهر الليطاني واختبئ هناك وكانت تلك المعركة رد اعتبار لتل الجزر رغم ان صلاح الدين كان يملك 400 فارس مقابل 35 الف جندي صليبي تلتها مرج العيون وحصار بلفوار حتى اخيراً تمكن من فتح القدس بمعركة حطين (3).
ان أنتشار موضوع كوردية صلاح الدين لم يكن جديداً ليقع الوم فيه على احد انما جذوره تمتد لذلك الزمان وكان انتشاره في غاية نشر الأخوة الاسلامية بين الكورد والعرب، ولذلك حافظ الكثير على هذا الموروث وجامل فيه وتبدء قصة هذا الموروث عند قول واحد.
حيث روى كوردية الايوبيين المؤرخ ابن الأثير المتوفي عام 632 هـ، قائلاً : أن أيوب بن شاذي بن مروان يرجع إلى الأكراد الروادية وهم فخذ من الهذبانية (4) ولم يكن له اي اتصال بصلاح الدين الأيوبي سوى انه عاصر المرحلة الأيوبية بعيدا عنها بينما في الأصل علينا ان نأخذ الكلام من من كان مقربا من صلاح الدين وكان له معه عمل واتصال فلم يقل من اصحابه ومقربيه بذلك فبأي الناس نأخذ !؟ ومن المؤرخين الذين عملو مع صلاح الدين بهاء الدين بن شداد صاحب كتاب " النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية" (6) وهذا مؤرخ تأريخه ومعاصره وصاحبه كان ملازما لصلاح الدين وقاضيا لمعسكره والقدس الشريف ولازمه حتى وفاته (5) لم يذكر انه كردي نهائيا بالذكر انه من قرية دوين وهي قرية صغيرة ليست للاكراد، ومثله مثل الكاتب الاصفهاني
فبأي الناس نأخذ؟ هل يعتمد على قول ابن الأثير البعيد عن صلاح الدين وحكمه ولم يكن له معه اتصال
خصوصاً مع نكران سلاطين الأيوبيين لقول ابن الأثير وقد قالو بأن نسبهم عربي لكنهم تعايشو مع الأكراد، ويضيفون كذلك انهم عرب قرشيون من بنو امية
  1. الملك المعز لدين الله اسماعيل بن سيف الاسلام ظهير الدين
  2. الملك خليل بن الاشرف احمد بن ملك
  3. الملك الامجد حسن ابو محمد

حيث قال ابن واصف : وانكر جماعة من ملوك بني ايوب النسبة الى الاكراد وقالو انما نحن عرب:نزلنا مع الاكراد وتزوجنا منهم (7)

ومن سلاطين دولة بني أيوب، السلطان خليل الأيوبي الذي قال ابيات شعرٍ مدحاً بوالده قال فيها

لم يبق في الدنيا ملاذ يرتجى

في العالمين ولا نصير كاف

إلا ابن أيوب الذي صدق الوعود

هو الأمين ومجمع الألطاف

الأشرف السلطان بالنسب الذي

بالنقل متصل بعبد مناف

قاصداً عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي،

وكذلك قال الحسن بن داود الأيوبي : ردّ في كتاب "الفوائد الجلية في الفرائد الناصرية" ما قيل عن نسب أجداده وقطع أنهم ليسوا أكرادًا، انما نزلوا عندهم فنسبوا إليهم. وقال : ((ولم أرَ أحداً ممن أدركتُه من مشايخ بيتنا يعترف بهذا النسب)) ما يدل على انعدام حتى التواتر في النسب الكوردي لبني ايوب انما مورثهم يحمل انهم عرب

اما المعز إسماعيل الأيوبي صاحب اليمن أرجع نسب بني أيوب إلى بني أمية من قريش، وأن نسبهم يرجع إلى أيوب بن شادي (أو شاذي) بن مروان بن الحكم بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، الى ان ذلك رد عليه سيف الدين أبي بكر بن أيوب حين سمع بهذا الخبر قال : كذب إسماعيل ما نحن من بني أمية أصلاً"، (7)

اما امراء الأيوبيين في الشام فقد اثبتو نسبهم لبني مرة بن عوف من بطون قبيلة غطفان العدنانية، وقد أحضر هذا النسب على المعظم عيسى بن أحمد صاحب دمشق وأسمعه ابنه الملك الناصر صلاح الدين داود. (7)

وقد رجح ذلك الحسن بن داوود وذكر نسب العائلة الى أيوب بن شاذي بن مروان بن أبي علي محمد بن عنترة بن الحسن بن علي بن أحمد بن أبي علي بن عبد العزيز بن هُدْبة بن الحُصَين بن الحارث بن سنان بن عمرو بن مُرَّة بن عوف بن أسامة بن بيهس بن الحارث بن عوف بن أبي حارثة بن مرة بن نَشبَة بن غيظ بن مرة بن عوف بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش (8)

اما الاعتماد على أصلهم السكني وانهم من مناطق الأكراد فقد انكرها ياقوت الحموي وكان معاصرا للأيوبيين، ذكر أن بني أيوب ليسوا من مناطق الأكراد ، بل من بلدة دوين التي ليست لأكراد قائلاً : دوين بلدة في نواحي ارَّان في آخر حدود أذربيجان بقرب من تفليس، منها ملوك الشام بنو أيوب (9) اما أبن شداد، وهو قاضي جيش صلاح الدين ومن المقربين منه، أن صلاح الدين من بلدة " دوين" التي فتحت في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وأن نجم الدين والد كل السلاطين الأيوبيين ، قد خرج من تلك القرية إلى بغداد ثم تكريت.

ولا ننسى أن صلاح الدين الأيوبي قد ضم لدولته بلاد النوبة ومعظم ليبيا والكثير من بلاد الشام، بلاد الموصل، واليمن والحجاز ولم يضم مناطق قومه الكورد رغم وصوله قوة عظيمة تمكنه من ذلك

ومن قال بكورديته : نسبه لـ الروّاديين، وهم عرب يمانية من الأزد القحطانيين وحسب الأستاذ الجامعي والمؤرخ السوري شاكر مصطفى، ينتسب الرواديون إلى العرب اليمانيين من قبيلة الأزد العربية، ولكنهم بمرور الأيام ولكونهم قلة في تلك المنطقة، أتخذو الطابع الكردي في بعض أحوالهم (10)

وبالتأكيد عدم كون صلاح الدين الأيوبي لا يعني انهم لا شخوص لهم ولا أثر لهم بالاسلام فظهر منهم رجال وشخصيات كثر، مثل الصحابي جابان أبو ميمون وهو من الأكراد وعبيد الله النهري وكان من شيوخ الدين المعروفين

المصادر والمراجع

1) المصور في التاريخ، الجزء السادس. تأليف: شفيق جحا، منير البعلبكي، بهيج عثمان، دار العلم للملايين، بيروت. الدولة الفاطمية، صفحة: 36
2) Canard 1965f، صفحات 857–858.
3) صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد
4) ابن الأثير، الكامل في التاريخ، حوادث عام 564 هجري
5) ibn Shaddād 2002، صفحات 2–4
6) Gabrieli 1984، صفحة xxix
7) أبن واصف / مفرج الكروب في اخبار بني ايوب
8) كتاب صحة شجرة النسب للحسن بن داوود
9) ياقوت الحموي / معجم البلدان المجلد الثاني ص 491
10) https://web.archive.org/web...