تحية طيبة و بعد ..

من بين إحدى الأسباب الرئيسية جدا و التي تعيق ( النضج الصحي و السليم ) لك كإنسان انطلاقا من طفولتك و تؤثر في حياتك و صحتك و تؤثر حتى على نجاحك في الحياة أو فشلك هي اختلاف طبيعتك الشخصية مع طبيعة والديك و طبيعة المجتمع الذي ولدت و تربيت فيه ..

( يبدو هذا غير حقيقي لمن لم يمروا بتجارب و أقدار حياة تضعهم في موضع اختلاف و غربة عن ما حولهم ، لذلك المختلفون فقط و الذين عايشوا غربة النفس هم الوحيدون الذين يدركون عن معنى ما أتحدث عنه هنا .. )

و لذلك فإن الكفاح الشخصي للتأقلم مع طبيعة المجتمع و السعي إلى الاندماج فيه طلبا للأمان و العيش الكريم يعتبر من أهم الصراعات و الكفاحات التي يخوضها أي طفل و أي شخص في حياته قدر و ارتضى له خالقه طبعا و مزاجا مختلفين و شخصية أخرى غير الشخصية التي يعيش وفقها مجتمعه بما في ذلك أسرته .. و لعل ذلك يشبه نوعا ما كظهور ( شعلة نار ) في جزيرة صغيرة معزولة محاطة بالمياه الهائجة .. فكيف يا ترى سيكون حال تلك ( الشعلة ) الراغبة في حق الحياة و في حق الاختلاف بينما هي محاطة بالمياه من كل الجهات ؟ .. من المؤكد و من الطبيعي جدا في ذلك الظرف أن تعتبر نفسها عبارة عن ( كتلة مرض غريبة ) تتحرك .. و لا أظن أن أحدا سيصدق بسهولة أنها إنسان مختلف و كفى ، بل سيربطون ذلك بالمرض و بالكثير من الخرافات كما فعلوا من قبل مع ظهور أشياء طبيعية اعتبروها غير طبيعية و لم يعتبروها كخلق جديد من خلق الله ..

من المأساوي جدا أن يكون هذا هو حال بعض الأطفال في هذا العالم منذ مئات و ربما آلاف و ملايين السنوات التي خلت .. و الذين تم تصنيفهم في عصرنا الحالي تحت مسمى ( الأطفال الجدد ) و هم من لم يكتشفهم و يتولى رعايتهم و الإنصات إلى حقوقهم و الدفاع عنها إلا قلة قليلة من الرحماء و الإنسانيين في هذا العالم الذي تطرف و ظلم بجهله و تعنته و همجيته من حيث لم يحتسب ..