شيخ سوداني يكتشف علاج لجميع الأمراض العضوية والنفسية
الشيخ عبد الرحيم البرعي واكتشافه للعلاج الشامل للصحة العضوية والنفسية
في السودان، يُعتبر المديح النبوي جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي والديني. وهو أداة قوية للتوعية الدينية وتربية الأجيال على القيم الإسلامية. من بين شعراء المديح الذين أثروا في هذا الفن بشكل عميق، يأتي الشيخ عبد الرحيم البرعي، الذي استطاع أن يؤسس مدرسة المديح التربوي. استخدم البرعي الشعر كوسيلة لنقل القيم التربوية والدينية من خلال صياغات شعرية بسيطة وعفوية، كان لها تأثير كبير على المجتمع السوداني.
في قصيدته الشهيرة "بوريك طبك"، والتي تعني بالسودانية "سأكشف لك سر صحتك"، يقدم البرعي عدة نصائح ذهبية تهدف إلى تحسين الصحة الجسدية والنفسية، مستندًا إلى تعاليم القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة. هذا المقال سيتناول هذه النصائح بالتفصيل ويستعرض الحكمة وراء كل منها، وكيف يمكن أن تسهم في تهذيب السلوك وتحقيق السعادة والصحة العامة.
ذكر الله ودوره في الصحة الجسدية والنفسية
أول نصيحة يقدمها البرعي في قصيدته هي "بوريك طبك أحسن فيمَنْ عاداك ومَنْ يحبك أذكر إلهك يوت"، والتي تعني "سأخبرك بسر صحتك، أحسن إلى من يعاديك ومن يحبك واذكر الله دائمًا". هنا يشير البرعي إلى قوة الذكر وأثره الإيجابي على الصحة النفسية. ذكر الله بشكل يومي ومتكرر يعزز من السكينة الداخلية، ويُزيل القلق والتوتر، مما ينعكس على الصحة البدنية بشكل مباشر. هذا المفهوم يدعمه الحديث النبوي الذي يحث على دفع العداوة بالإحسان، حيث قال الله تعالى: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" (فصلت: 34).
تكرار الذكر يزيد من الشعور بالطمأنينة، وكما قال الله في القرآن الكريم: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" (الرعد: 28). هذه الطمأنينة هي المفتاح لصحة نفسية وجسدية جيدة، لأنها تقلل من تأثير الضغوط النفسية التي تعد من أكبر مسببات الأمراض في العصر الحديث.
تذكر الموت وأثره على تحسين العلاقات الاجتماعية
من النقاط الرئيسية التي يطرحها البرعي هو تذكر الموت كوسيلة لتخفيف الحسد والحقد والكراهية. يقول البرعي إن تذكر الإنسان للموت بشكل مستمر يجعله يقلل من تعلقه بالماديات والشهوات الدنيوية. عندما يدرك الإنسان أن الحياة قصيرة وأن الموت قد يأتي في أي لحظة، فإنه سيبدأ في التخلص من مشاعر الحسد والكراهية تجاه الآخرين. هذا الفهم يعزز من القدرة على العيش بسلام مع الذات والآخرين، ويؤدي إلى تقوية الروابط الاجتماعية والابتعاد عن النزاعات والصراعات.
الإحسان إلى الآخرين والمعاملة الطيبة
النقطة الثالثة التي يركز عليها البرعي هي الإحسان إلى الآخرين. يقول: "بل أنِس إحسانك فيمَنْ يحبك..وتنـاسى يوت لإساءة مَنْ يسبك"، مما يعني أن الإحسان إلى الناس يجب أن يكون سلوكًا يوميًا حتى تجاه من يسيئون إليك. هنا، يعزز البرعي قيمة التسامح والصفح استنادًا إلى الآية القرآنية: "الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين" (آل عمران: 134).
الإحسان إلى الآخرين لا يعود بالنفع عليهم فحسب، بل ينعكس إيجابًا على الشخص المحسن. الإحسان يساهم في تحسين الصحة النفسية، لأنه يقلل من مشاعر الغضب والكراهية، ويزيد من مشاعر الرضا والسلام الداخلي.
عدم التدخل في شؤون الآخرين
يشير البرعي أيضًا إلى ضرورة الانشغال بالنفس بدلاً من التطفل على شؤون الآخرين، قائلاً: "لا تنشغل بشؤون غيرك وركز على نفسك". هذا المفهوم مستند إلى الحديث النبوي: "يبصر أحدكم القذى في عين أخيه، وينسى الجِذْعَ في عينه". الانشغال بشؤون الآخرين غالبًا ما يؤدي إلى الحسد والتوتر والقلق، ولذلك، يشدد البرعي على أهمية التركيز على تطوير الذات وتحسين العلاقات مع الله.
احترام الآخرين وفقًا لترتيبهم الاجتماعي
قيمة الاحترام تأخذ مكانة بارزة في قصيدة البرعي، حيث يدعو لاحترام الجميع بدءًا من الشيوخ والوالدين وصولًا إلى الحاكم العادل. يقول البرعي: "ثم أحترم شيخك والدك وأمك...والحاكم العادل خالك وعمك". يشير هنا إلى أهمية التراتبية في الاحترام الاجتماعي، حيث ينبغي أن يبدأ الإنسان باحترام من هم في مواقع السلطة الروحية والاجتماعية.
حفظ الأسرار كجزء من بناء الثقة
يشير البرعي إلى أن حفظ الأسرار وعدم إفشائها هو من القيم التي تعزز العلاقات الاجتماعية وتجلب الثقة. يقول: "لا تــفـشـى سـرك لكافة المخلوق"، مؤكدًا أن الشخص يجب أن يكون حذرًا في مشاركة أسراره حتى مع المقربين. إفشاء الأسرار قد يؤدي إلى الفتن والمشاكل بين الناس، ولهذا يعتبر البرعي أن حفظ الأسرار هو أحد مفاتيح السلام الاجتماعي.
بر الوالدين وأهمية الإحسان إليهم
من أعمق الوصايا التي يقدمها البرعي في قصيدته هي بر الوالدين والإحسان إليهم. يقول البرعي: "قبِّل قدم أُمك وبه تبرَك"، مشيرًا إلى أن بر الوالدين هو سبب في جلب البركة والسعادة في الدنيا قبل الآخرة. كما يقول: "بِر والديك لكي ابنك يبرك"، مما يعني أن الإحسان إلى الوالدين سيعود بالنفع عليك في حياتك اليومية، وسيجعلك قدوة لأبنائك.
مخالفة هوى النفس
من القيم العظيمة التي ينادي بها البرعي في قصيدته هو مخالفة هوى النفس، والذي يعتبر من أكبر مسببات الفساد والضلال. يقول: "خالف هوى نفسك حَسَدك وضُرك"، ويعني بذلك أن الإنسان يجب أن يقاوم رغباته السلبية مثل الحسد والأنانية، وأن يسعى دائمًا للإحسان إلى الآخرين بغض النظر عن مواقفه الشخصية.
الصبر في مواجهة الابتلاءات
الصبر هو من القيم الأساسية التي يدعو إليها الإسلام، ويعززها البرعي في قصيدته من خلال قوله: "واصبر لأمر الله حين يمتحن لك". الصبر على الابتلاءات والشدائد يعتبر من مفاتيح الصحة النفسية، حيث يمنح الإنسان القدرة على مواجهة تحديات الحياة بقوة وثبات، مستندًا إلى قوله تعالى: "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ" (الكهف: 28).
وختاماً,,,
من خلال قصيدته "بوريك طبك"، قدم الشيخ عبد الرحيم البرعي مجموعة من القيم والمبادئ التي تعزز الصحة الجسدية والنفسية. هذه القيم مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية، وتدعو إلى الإحسان، التسامح، بر الوالدين، حفظ الأسرار، والصبر على الابتلاءات. إن تطبيق هذه المبادئ في الحياة اليومية لا يساهم فقط في تحسين الصحة النفسية، بل يجلب السعادة والرضا والسلام الداخلي.
وأخيرا اليك المقطع :
التعليقات