أجــد الســؤال المطــروح في العنــوان يتكرر في شبكات التواصــل الإجتماعــي وفي أرجاء المجتمعــات المسلمــة أيضــاً. فأحببــت أن أجيــب على طريقــتي. إذاً لمــاذا أشهــر العلمــاء رغم غزارة علمهــم لا يهتدون إلى طريق الإســلام؟ كيــف لا يعتنــقون هذا الديــن وهــم يكتشفــون على الدوام إنعكاســاً لعظمـــة اللــه في خلقـــه. كيــف ينظرون إلى عظمــة الكــون، ويتساؤلون من خالق هــذا الكون ومن ثــم يهتدون إلــى الإســلام؟ اليابـــان من الدول التي تشتهــر بجودة صناعاتهــا ورقّي جامعاتهــا وتشتهــر أيضــاً بالإكتشافــات والإختـراعات، مع ذلك، رغــم كثــرة عدد سكـّـانها فلمسلميــن هنـاك هــم أقل من واحـد بالمئــة. كيــف يكون ذلـــك؟

النــار التي ورد ذكرهــا في الكتــب المقدســة بشعــة ومخيفــة. بالإضافــة إلى بشاعتهــا، يخلــّد بها من يكفــر بالديــن ويرفضـــه. ذلك العذاب الذي عندمــا يحيــن لا ينتهــي. له بدايــة وليس له نهايــــة. فلا عقــاب أشــد من هذا العقــاب، ومن الصعــب أيضــا تخيــّل عقاب أشـــد وأبشع منــه. تلــك النــار، لن يختــارها أحــد. ولن يطمــح لها لا إنسان ولا حيــوان. فالإنتحــار، أسهــل على النفــس من ذلك العقــاب. فالمنتحــر، يعرف أن الألم مؤقــت فيقبــل عليــه بتردد ليتخلــص من ألــمٌ أشــد، سواءاً في الجســد أم كان في النفــس. فلن يخـــتار ذلك العقــاب أحــد.

بالمقابــل، الجنـّــة التي ورد ذكرها في الكتــب المقدســـة، رغم تحفظــّي، هي تصور لحيــاة جميــلة إلى مالا نهايــــة. فعندمــا يكون الخيـــار بين تلك الجنــة أو تلك النــار. كل البشــر سوف يختارون الجنـــة بل الحيوانات أيضــاً. لاتحتــاج إلى فراســـة، الكل يخاف ذلك العقـــاب، والكل يحــب الإستقرار.

لنطــرح السؤال مجــدداً، لمــاذا لا يدخل هؤلاء العلمــاء، والشعــوب إلى الإسلام؟ أيضــاً لماذا يحــارب بعض الملحــدون الإسلام؟ ببســاطة، لأن الدليــل على صحــة الإسلام (غائب)، بل الدليل على وجود اللــه غائب أيضــاً. لو كــان الملحــد الذي يهاجم الدين مقتنعٌ بالديــن، لن يهاجمــه أبــداً وسوف يعتنقـــه بشدّة خوفاً من ذلك العقــاب قبل أن يكون طامعاً في الثواب. كذلك العــالم، سوف لا يهتــم مجدداً بإكتشافاتـــه أكثر من إهتمامــه بصلواتـــه. لأن كل إكتشــاف يكون هنا مضيعــة للوقــت، يومــاً ما سوف يقابــل اللـــه، ويخبــره الله بما لايعلـــمه. بينمــا كسب الثواب والصلاة هو الإستثمــار الحقيقي بالنسبـــة لــه.

عنــدما تخــاطب الشعــوب وتدعوها للإســلام، وتنذهــرم جحيــمٍ مستمــر وتعدهــم بثوابٍ مستمــر، ويكون دليلــك على هذا كلــه هو مجـــرّد كتــابٌ أثــري، لا تستغــرب إذا لم يصدّقـــك أحــد. ولا تستغــرب أيضــاً عندمــا ينتقــد دينـــك أحـــد أو حتــّـى يهاجمــه ولا تستغــرب إذا كانت الناس من حــولك لاتعتبــر الهجــوم على دينـــك خللاً أخلاقيــــاً.

لو سألت ملحــداً أو عالمــاً عن من إذاً خــلق هذا الكـــون الكبيــر المنســـق الـ .... الخ؟ هذا السؤال لم يعــد جوهريــاً. لأن العلمــاء والمتعلميــن يرون الكــون يبني نفســه بنفســـه دون تدخل سحــري. والظاوهــر يوجــد لها تفسـّـر علميــاً مع الوقـــت.

فعندمـا يكون دليلك أن للسيارة صانع وللطائرة صانع ولكل شيء صانع, من صنع الكون إذاً؟ لا تنزعــج عندما يقال لك أن الجواب النهائي غيــر معروف، لأنك لو سؤلت بنفس المنــطق من صنع الله؟ من خلق الله؟ سوف لايكون لديك جواب نهائــي ولن يكون لديك دليـــل.

فــلا دليــل أبــداً على وجــود خالق للكــون، ولا دليل أيضــاً على قدسيــة القــرأن وغيــرة. وعندمــا تقرأ أكثــر ستجــد أن الديـــن ليس أكثر من خيــاراً شخصيــاً عاطفيــاً أكثــر من كونه عقلانيــاً. ولا يعيــب معتنقيـــة على الأقل في هذا الزمــن.

في هــذه المشاركـــة لا أهاجمك إذا كنت متديـــّـن، بل أرجوا مثلما يرجوا العالم كلــه بأن تكون هناك حياة بعد المـــوت، وأرجوا أن لا أعذّب بتلك النــار البشعــة. لكن في النهايــة (لا دليل) غيــر حبرٍ وورق ينسخونه الأباء للأبنــاء ويسمونــه إعجازاً علميــاً وهم حتــى لايستطيعــون تأكيد معناه. وليس للإلــه أثــر. ولو كــان هناك دليــل، لكان كل الناس مؤمنـــون. وإذا كنــت تزداد إيمـــاناً، وتشعر بعظمــة الإله عندمــا ترى توســّع الكون، فالعلمــاء غيــر الدينيوّن يشعــرون عكــس ذلك، هم يرون الكــون يبني نفســه بقوانيــن تُدرس دون تدخــل إله أو خالــق.