أحكام الزواج في الإسلام: متى يكون واجبًا، ومتى يكون محرمًا؟

الزواج في الإسلام من أعظم السنن التي دعا إليها الشرع، وجعلها سببًا لحفظ الدين والعرض، وإقامة الأسرة الصالحة، واستمرار البشرية. ومع ذلك، فإنه لا يكون مطلوبًا لكل الناس بنفس الدرجة، بل يختلف حكمه من شخص إلى آخر حسب حاله وقدرته.

حكم الزواج في الإسلام

قسم العلماء حكم الزواج إلى خمسة أقسام: الواجب، والمستحب، والمباح، والمكروه، والحرام، وذلك بناءً على حالة الشخص وقدرته على القيام بحقوق الزواج.

1. الزواج الواجب

يكون الزواج واجبًا على الإنسان إذا كان قادرًا على تحمل مسؤولياته، وخشي على نفسه الوقوع في الحرام إن لم يتزوج. قال النبي ﷺ:

"يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" (متفق عليه).

فمن كان لا يستطيع ضبط شهوته ويخشى الوقوع في الزنا، وكان قادرًا على النفقة والمعاشرة بالمعروف، وجب عليه الزواج لحفظ نفسه من الحرام.

2. الزواج المستحب

يستحب الزواج لمن كان قادرًا عليه، لكنه لا يخشى على نفسه الوقوع في الحرام، لأن الزواج فيه فضل عظيم، مثل تكثير أمة النبي ﷺ، وتحقيق السكينة والمودة بين الزوجين، والإنجاب والتربية الصالحة للأبناء.

3. الزواج المباح

يكون الزواج مباحًا لمن لم يكن عنده حاجة ملحة له، ولم يكن هناك خوف من الوقوع في الحرام، ولا يترتب على زواجه ضرر له أو لغيره. فالزواج في أصله تشريع عام، لكنه قد يكون مباحًا لبعض الأفراد الذين لا تتعلق بهم أي ضرورة أو مصلحة راجحة من الزواج.

4. الزواج المكروه

يكون الزواج مكروهًا لمن لم يكن لديه قدرة على تحمل أعبائه، أو كان يخشى أن يظلم زوجته أو يُضيِّع حقوقها، أو لا يكون عنده رغبة فيه، مما قد يؤدي إلى إلحاق الضرر بالطرف الآخر. قال تعالى:

"وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا" (البقرة: 231).

فمن لم يكن قادرًا على النفقة أو العشرة بالمعروف، كان الأفضل له أن لا يتزوج حتى لا يظلم غيره.

5. الزواج الحرام

يكون الزواج محرمًا في حالتين:

إذا كان يترتب عليه ظلم وأذى، كمن يعلم أنه سيظلم زوجته، أو سيتزوجها بنية الإضرار بها أو التلاعب بها.

إذا كان زواجًا غير شرعي، كأن يتزوج بزوجة خامسة وهو متزوج بأربع، أو أن يتزوج من امرأة محرمة عليه كالمحارم.

الخاتمة

الزواج من سنن الإسلام العظيمة، لكن حكمه يختلف باختلاف حال الشخص وظروفه. فمن كان قادرًا عليه وخشي الوقوع في الحرام وجب عليه، ومن لم يكن لديه حاجة له وكان غير قادر على حقوقه كان مكروهًا أو محرمًا. فالمسلم ينبغي أن يكون واعيًا بمسؤوليته في الزواج، وأن يتخذه على أساس الاستقامة والعدل، لا مجرد اتباع الهوى والرغبات.