المال ميسور بوفرة لهؤلاء الّذين يفهمون القوانين البسيطة التي تحكم كسبه.

عبارة بسيطة يَبتدِئ بها الكتاب، قد تبدو وللوهلة الأولى مَفهومة وواضحة لكنّها أعمق وأوسع بل وأشمل من ذلك.


الأماكن

تدور أحداث الرواية في مدينة بابل المُندثرة على وجه الخُصوص وفي مدن أخرى -هامِشيّة نسبةً إلى أحداث الرواية-، يتمّ التعريف ببابل على أنّها أغنى مدن عصرها وأكثرها رخاءً في مُفارقة لوجودها في منطقة جَرداء لكن حكمة أهلها وعملهم وعلمهم حوّلها إلى جنّة يريد الجميع الحصول عليها ولهذا حاول الكثيرون بجيوشهم الجرارة اقتحام أسوارها الشاهقة ولم ينجحوا، قام أهلها ببناء قنوات الريّ بهندستها الدقيقة الّتى دَبّت الحياة في الأرض فخرج منها القمح والشعير وكانوا أيضًا تُجّارًا وعلماءَ بارعين فكانت البضائع النفيسة والمال يَقْدِم إليها من كلّ أرجاء العالم وانتشرت فيها المدارس وعرف أول نوع من الصكوك والسندات وبُنيت في الحدائق المُعَلّقة، كما باقِ العالم فقد انتشر الاستعباد في هذه المدينة لكنّ العبيد كان لهم حقوق الزواج من النساء الأحرار والأبناء سيكونون أحرار وأن يكون لهم ثروتهم الخاصة في شراكة مع سيدهم ويستطيعون -إن تحصّلوا على الثمن- دفع المال اللازم ليتحرروا.

أغنى رجل في بابل

أركاد، هو ذلك الرجل الذي يعد أغنى أغنياء بابل والذي ذاع سيطه في المدينة بحيث أصبح يعرفه الجميع حتّى الملك، ليس بخيلًا وليس مُبذّرًا لماله بل ما بين ذلك، المال الذي يدخل «كيسه»(١) يتجاوز بكثير الذي يوزعه «كصدقات»(٢).

في يوم من الأيام شديدة الحر كعادة مُناخ بابل، جلس بانسر صانع المركبات وصديق طفولة أركاد على سياج يفكّر في ما وصل إليه حاله المُزري وأتاه صديقه كوبي عازف القيثارة ليستدين بعض المال ولسخرية القدر كلاهما مُفلسان وجلسا يتفكّران في حالهما وحال أركاد؛ فقد درسوا معًا في نفس المدرسة وعاشوا طفولة واحدة وكانت أحوالهم مُتشابهة فما السر وراء نجاح أركاد وبقاء حالهما كما هو؟!. من هُنَاْ كانت البداية الحقيقيّة للرواية.

تتابع أحداث الرواية وتظهر شخصيّات كثيرة فتارةً تكون في بابل وتارةً أخرى في دمشق وحتّى أنّك ستجد الأحداث في لحظةٍ ما تدور في عمق آسيا، حتّى تكاد تنسى اسم أركاد!.

يعرض الكاتب قصصًا لأشخاص بدؤوا بناء ثروتهم من الصفر أو من تحت الصفر!، فتتنوع القصص من أشخاص أضاعوا ثروات قد ورثوها عن آبائهم وعادوا فبنوا ثروة أكبر إلى أشخاص وصلت بهم ديونهم ليصبحوا عبيدًا -تشترى وتباع- بعد أن كانوا أحرارًا ويعملوا باجتهاد وكفاح ليتحرروا ويصبحوا من سادات القوم.

سأتفهّم وجهات النظر حول الكتاب، فالبعض يعتبره جزءًا من كتب التنمية البشرية، والبعض الآخر يراه مُحفّزًا ليثابر المرء ويعمل باجتهادٍ ليصل لغايته، وهناك أشخاص ما بين ذلك.


خطوط عريضة

سألخّص لك ما يتناوله الكتاب بعبارات مُقتضبة للغاية، لكنّها لا تكفي لأن تفهم فَحوى ومغزى الكتاب؛ فبقراءة القصص ستفهم أبعاد مُختلفة قد تختلف عمّا فهمتُه -أنا- منها!. هي كالتالي:

١. لا تديّن إلَّا لمن تثق بقدرته على السَّداد. (المال الذي وفرته هو ثروتك)

٢. اقتطع من دخلك الشهري ما لا يقل عن ١٠٪ ووفّره. (بذرة)

٣. شغّل المبلغ الّذي وفّرته ليقوم بمضاعفة نفسه. (تنمية البذرة)

٤. اجعل رصيدًا لك من المال لشيخوختك.

٥. لا تُماطِل في عقد الصفقات الناجحة. «يُمكنك أن تجلب الحظ السعيد باستغلالك للفرص؛ فالحظ السعيد لا يأتي لمن لا يسعى له».

٦. خذ النصح مِمَّنْ هُم على دراية؛ فخذ النصيحة حول السمك من الصياد. وخذه ممن يبرعون في أساليب التعامل مع المال.

٧. استثمار المال بطريقة آمنة يجعلك تحصل على عوائِد مُربِحة مُعتدَّة.

٨. ادرس استثمارك جيّدًا قبل الإقدام عليه.

٩. إذا أقرضت مالًا يجب أن تكون متأكدًا من أنك تملك طريقة آمنة لاسترجاعه. «الحذر القليل خير من الندم الكثير»

١٠. يجب أن تبني استثمارات آمنة ومدّخرات مأمونة تؤمن لك الحماية على المدى البعيد. «إننا لا نستطيع أن نتحمل أن نكون بلا حماية كافية»

١١. بلا عزيمة لن تجد الطريق.

١٢. التخلص من الدين لا يكون بالتهرب؛ لأنها ستكون اللعنة التي تلاحقك وأبنائِك!. (ضَع قائمة بكل ديونك وأسماء الدائِنين واتّبع التالي: ٧٠٪ هي ما ستعيش به، ٢٠٪ هي ما ستوزعه على الدائنين، ١٠٪ هي ما ستوفره)

١٣. العمل هو أفضل أصدقائك؛ العمل يحررك من عبودية الحاجة والطلب لتكون سيّدًا.

هذا ما يعرضه الكتاب بتجريدٍ وهو يقدم لك نصائح للنهوض بدل الاستسلام إن كنت في الحضيض (الصِفْر)، وكما قرأت فهي من البديهيّات -إن تأمّلتها- لكن التحدّي يكمُن في تذكّرها في الوقت المُناسِب!.



وقفة!

س. هل يستحق الكتاب أن يُقرأ؟

ج. بكلّ تأكيد، سيجعل الكتاب منك -إن تدبّرته- إنسانًا أكثر مُثابرة وعملًا.

س. هل يُمكن استخدام الأساليب القديمة في وقتنا الحاضر؟

ج. ليس تمامًا، طَوِّع واقعك بحيث يخدمك لا أن تخدمه.


في الخِتام، اسعى جهدك ولا تقف ولا حتّى تكترث لأقوال أحد ما.


(١) كيسه: تمّ تشبيه مِحفظة النقود بأنّها عبارة عن كيس توضع فيه القطع الذهبية والفضية والنحاسية وتُربَط بجانب الخصر.

(٢) الصدقات: المال الذي يتبرع به للمُحتاجين أثناء مسيره في شوارع المدينة، يخرج حاملًا كيسًا مُتخمًا بالقطع المعدنيّة ليعود به فارغًا، فدخله يفوق ما يصرفه.