في عالم العمل الحر، الموازنة بين الكم والجودة تعد تحديًا مستمرًا. فالرغبة في إنجاز أكبر عدد ممكن من المشاريع لتحقيق الدخل تتنازع مع تقديم عمل عالي الجودة للحفاظ على السمعة وجذب المزيد من العملاء. يمكن لهذا التوازن أن يكون معقدًا، حيث يتطلب تقديرا دقيقا للقدرات والوقت المتاح، وتحديد الأولويات بشكل صحيح.
ويأتي هنا السؤال كيف نحقق هذا التوازن فعلى الرغم من أن الاستقرار المالي يتطلب زيادة عدد المشاريع، إلا أن الحفاظ على الجودة يعتبر أساسيًا أيضًا.
أرى أنّ عمل المستقل على تطوير نفسه وسرعة إنجازه للمهام شيء لا يقل أهمية عن أي مهارة أخرى بمجال العمل الحر؛ فالعمل الحر وبحكم أن الحساب يكون بالمشروع الواحد يستوجب من المستقل إنجاز الكثير من المشاريع دفعة واحدة حتى يحقق عائدًا جيدًا ولذلك أرى أن إلزام الشخص نفسه بمواعيد نهائية للتسليم شيء ضروري وأساسي، حتى ولو لم يكن المشروع يتطلب ذلك. وكذلك عدم تأجيل الإنجاز، فالمشروع الذي يقدر على إنجازه في ليلة واحدة فليقوم بإنجازه ولا يؤخره إلى وقت لاحق.
كنت أقوم بهذا في كثير من الأحيان فيما يتعلق بالمواعيد النهايية فدائمًا ما أحدد لنفسي موعد أقرب بكثير من المحدد من قبل العميل حتى أنهي المهمة وأراجع ويكون وقتها لدي الوقت للعمل على مهام اخرى، لكن المشكلة بالنسبة لي في العمل على مهمات متعددة أنها تشعرني بالتشتت، خصوصًا لو كانت طبيعة المهام مختلفة تمامًا، فأنا من النوع الذي يأخذ وقت للتأقلم على نظام عمل معين ويجد صعوبة في الانتقال من مهمة بطبيعة معينة إلى مهمة اخرى.
أعتقد أن تغلبت عليها في السنوات الماضية ولا أعرف كيف بالتحديد لكن في العموم اعتقد أن تجارب الحياة علمتني هذا، لكني كنت أعاني منها طوال حياتي قبل ذلك.
التوازن يأتي من معرفة الشخص بقدراته ومهاراته، وتمكنه من المشاريع التي سيقدم عليها، فمن المفترض عندما أتقدم لمشروع، يكون لدي تصور حول مدة الإنجاز، وكيف يمكنني من خلال هذه القدرات والمهارات أن انهيه، وبالتالي هنا سأسأل نفسي هل يمكنني قبول مشروع آخر ووفقا لهذا السؤال يأتي دور المشروع الثاني والثالث، فمثلا ببداية عملي بالعمل الحر، لم أقبل سوى مشروع واحد رغم أني كنت متفرغة، وما إن اكتسب الخبرة قبلت اثنان وهكذا
إذا الخبرة هي ما تعطي الفرصة لنا للتوسع في قبول المهام، أجد هذا منطقيًا بشكل كبير لأن الشخص عندما يعمل على مهمة جديدة عليه فقد تستهلك منه وقت ومجهود ذهني كبير لا يكون من المنطقي حينها أن يشتت نفسه بل أن يركز على تلك المهمة حتى يتقنها ويتعود على طريقة التعامل معها وبالتالي يقل الوقت والمجهود الذهني ثم يبدأ بالبحث عن فرص عمل أخرى. لكن هناك أشخاص أيضًا يعملون أفضل تحت الضغط أنا لست منهم بصراحة لكن هؤلاء قد يكون مناسب لهم في اعتقادي ان يقدموا على فرص جديدة دون ان يصلوا لنقطة الخبرة بالمهام التي معهم، هل تجد هذا منطقي؟
قبل أي شيء لا يجب أن يأخذ المستقل ما يفوق طاقته من المشاريع، وأن يعمل على تقسيم وقته وتحديد أولوياته جيداً، وذلك عن طريق تقييم مدى أهمية كل مشروع والمدة المحددة لإنجازه، كما ينبغي عمل جدول زمني يتضمن إنجاز المهام العاجلة قبل غيرها وتخصيص الوقت الكافي لها دون أن يؤثر ذلك سلباً على أوقات بقية المشاريع.
على سبيل المثال: إنجاز أعمال عميلك الدائم قبل العملاء الذين ستنجز أعمالهم مرة واحدة فقط.
على سبيل المثال: إنجاز أعمال عميلك الدائم قبل العملاء الذين ستنجز أعمالهم مرة واحدة فقط.
قد يكون هذا المشروع طويل المدى مثلا يستغرق شهرا كاملا، مثل بحث سوق أو تجهيز عرض استثماري أو كتابة رواية. فليس من المنطق أن أنتهي منه أولا. من ناحية أخرى، قد يتحول العميل الذي أنجز له مهمة واحدة إلى عميل دائم إذا قمت بإعطاؤه انطباع جيد عني وعن أدائي. فالعميل القديم نسميه في التسويق عميل موالي أو Loyal Customer أما العميل الذي في بداية عملي معه قد أحوله إلى عميل موالي.
واحدة إلى عميل دائم إذا قمت بإعطاؤه انطباع جيد عني
ومن قال أننا لن نعطي العميل الآخر انطباع جيد؟طالما أنه تم تنظيم الوقت مع عدم استلام مشاريع تفوق طاقة الفرد بالتأكيد لن تكون هناك اي مشكلة بل على العكس تماماً سنتمكن من إنجاز المشروعين بأعلى جودة ممكنة، أتحدث فقط عن الأولوية وليس مستوى الجودة.
من وجهة نظري، جعل الأولوية للمشروع الذي موعده النهائي أقرب ولا يحتاج إلى وقت كبير لإنجازه. لأن المشاريع التي بها تفاصيل كثيرة قد تأخذ وقت طويل ونتجعلنا نستنفذ كل الطاقة والوقت لتنفيذ مشاريع أبسط.
من ناحية أخرى، يمكن جعل الأولوية للمشروع الذي يرد صاحبه أسرع ولا يتطلب الكثير من التعديلات.
كيف يكون ذلك في رأيك؟ فأين هو الحد الذي أقف عنده هل بمجرد وجود وقت إضافي متاح أبدأ في البحث عن فرص عمل إضافيه أم يكون الدخل هو الدافع أم ماذا؟
التعليقات