أولا: لكي أكون واضحا أريد أن أحدد لكم حجم المشكلة، ولا أعلم طريقة لذلك سوى أن أقول أنها تسبب لي كم كبير من الإحراج، وقد وصلت مرحلة طلب النصيحة، ولست أرى أفضل من أعضاء حسوب لذلك.
الحقيقة أني تنبهت لهذه المشكلة منذ أكثر من سنة، ومع كثرة تكرار المواقف المحرجة التي أصبحت ذكريات سيئة، وجدت نفسي كعادتي أحلل أسباب المشكلة لعلي أجد حلا، لكن ما تذكرته كان أعظم لدرجة صرت أعتقد أن هناك مرض في جزء ما من ذاكرتي.
وبعد جهد في التذكر، عدت بالماضي للمرات الأولى التي أعتقد أنها كانت بداية مشكلتي
كنت طالبا مجتهدا أسعى دوما للدرجة الكاملة، كنت أحفظ أي كتاب بشكل كامل من الغلاف إلى الغلاف ليس لأني لا أعرف ما يجب حفظه لكن شكي كان يقتلني، لذلك كنت أحفظ كل شيء. كنت أكره هذا الحفظ جدا لكنني كنت جيدا فيه. حسنا المشكلة في وقت ما في الثانوية صرت أنسى الأسماء والعناوين، تخيل أنك تحفظ عشر صفحات تتكلم عن موضوع معين ولكن لا تستطيع أن تستفيد منها لأنك لا تتذكر العنوان أو الكلمة الرئيسية ثم قم بقياسها لتشمل منهاجا كاملا.
بالطبع تضررت كثيرا، لكن مع جهد أكبر في طرق الحفظ كنت أخفف من الضرر.
بعيدا عن مجال الدراسة، تذكرت أيضا عشرات المواقف المحرجة والتي جعلت مني كاذبا أو كسولا أو مغرورا أو ...
لكن أغرب موقف حصل لي كنت حينها في السنة الثانية من دراستي الجامعية، اتفقنا أنا وصديقة لي أن نلتقي في اليوم التالي لكي نتساعد في رسم مشروع مطلوب منا، في مساء ذلك اليوم أخبرتني صديقتي أنّ زميلة لنا طلبت أن تحضر معنا الرسم، ذكرت لي اسمها فلم أذكره ثم أخذت تصف لي بالتفصيل لقائنا بها مرة بالصدفة منذ أسبوع وأني تكلمت معها، لكن للأسف لم يفلح ذلك معي، ولأضع حدا للاحراج قلت لها غدا عندما أراها أتذكرها.
اليوم التالي وصلت أنا أولا إلى مرسمنا ( قاعة كبيرة تضم أكثر من مئة طاولة ) وكان هناك محاضرة لطلاب السنة الأولى لذلك جلست في الخلف ، وبعد قليل كانت صديقتي و معها فتاة لا أعرفها تتجهان نحوي، بمعنى آخر لم أتذكر الفتاة حتى بعد أن رأيت وجهها، جرت أمور التعارف بسرعة، وبدأنا الرسم.
مضت ساعة تقريبا واعترضتنا مشكلة أوقفتنا، كان الاقتراح أن نبحث عن أحد المهندسين الذين يدرسوننا، وفعلا افترقنا وبدأنا ندور على القاعات والمراسم، بعد فترة لم أجد أحدا وعدت إلى المرسم، عندما دخلت من الباب كان وقت الاستراحة، لم يكن هناك الكثير من الطلاب باستثناء مجموعة من الطلاب والطالبات تجمعوا حول شابة على طاولة، كانت تشرح لهم على ورقة، لمن لا يعرف فهذا المشهد سائد جدا في أي مرسم في أي وقت في كلية الهندسة المعمارية: كل مجموعة من الطلاب تجتمع حول معيد مسؤول عنهم، فلم يكن غريبا أن اعتبرت تلك الشابة معيدة لمجموعة الطلاب.
تقدمت منهم لكي أطلب المساعدة منها، انتظرت قليلا حتى توقفت عن الشرح، وعندما التفت إلي قلت لها: آنسة أنا طالب سنة ثانية وأحتاج مساعدتك في رسم ...
لم أفهم لماذا هذه النظرات الغريبة إلي على وجهها، لم أرتكب أي خطأ ولم أقاطع شرحها، طال صمتها ثم قالت لي: يعني لم تجد أي معيد؟
فهمت سؤالها بمعنى لم تجد معيد آخر غير مشغول لتقاطعه، اعتذرت بصوت خافض وانسحبت بسرعة وأنا أفكر بتلك النظرات الغريبة والجواب الأغرب
رجعت إلى طاولتي وبعد قليل عادت صديقتي ومعها تلك المعيدة التي رفضت مساعدتي للتو
قالتا بصوت واحد لم نجد أحد
اكتفيت بالتحديق في وجه "المعيدة"، أحسست أنني أعرفها من قبل هذه الدقائق الأخيرة التي كانت فيها غريبة معي بدون سبب
وبدون أن تضيفا أي كلمة ذهبت كل واحدة منها إلى طاولتها وبدأتا بالرسم كمحاولة من جديد، بعد تصرفي الغريب الأخير .
استغرق الأمر مني دقيقة أخرى لأتذكر أن تلك " المعيدة" ما هي إلا الزميلة التي تشاركنا الرسم
يا إلاهي كم كنت محرجا، لكن ما خفف الموقف علي أنهما لم يعرفا السبب الحقيقي لتصرفاتي الغريبة المحرجة، حاولت إصلاح الموقف وعدت إلى طبيعتي، بل وفجأة وجدت حل مشكلتنا في الرسم وكأني كنت ناسيه هو الآخر.
بعد أيام سألتني صديقتي عن ما حصل في ذلك اليوم، فأخبرتها الحقيقة، وإلى الآن كلما التقينا تخبرني باسمها الكامل كنوع من المزاح.
لا أعرف حقيقة ما حصل ويحصل لي، لكن ما أعرفه حقيقة ولا أنساه للأسف هو ذلك الكم الكبير من الاحراج.
لذا هل تظنون أنه مرض ما أو أنها حالة نفسية أو أي سبب آخر ربما تعرفونه من حالات أخرى مشابهة سمعتم عنها؟
التعليقات