خاصة، الرواسب السلبية من الماضي، إلى أي حد يمكن الذهاب في تتبع آثار مضت، ولن يفيدنا تتبعها، ولكن ربما سوف يضرنا ترك ذيول عديدة. أنا مثلا، وبين كل فترة وأخرى، ومع كل أزمة وأخرى، أقوم بمراجعة آخر مائة رسالة على حسابي الشخصي، أو على حساب المكتبة، آخر مكالماتي، وأقوم بحذف الكثير من ملفاتي (في موجة غضب قمت بحرق كل مؤلفاتي الأدبية)، ولا أتوقف أبدا عن تصنيف البشر من حيث أيهم أكثر فائدة، خاصة من الفئات المعنية بشخصي، وأرى أن من حقي أن أطلب مساعدتهم، مثل (الأصدقاء / الجيران / الشركاء / زملاء العمل / الأقارب والمعارف) بالإضافة إلى مقدمي الخدمات المجانية (مثل المؤسسات الخيرية والمتبرعين، أو حتى من يزعمون دعهم للأدباء أو المستقلين، ومن خبرتي كلهم اتضح أنهم تراب لا يقارن بالتبر .. التبر هو أنا بالطبع). أو ثرى مقابل ثريا بتعبير آخر، أو نار مقابل نور، بتعبير ثالث (يبدوا أنني لن أتوقف يوما عن حب نفسي).
11-إلى أي حد يمكن التعلق بالماضي .. وبأي قدر يلزم إزالته؟
علاقتنا بالماضي يجب أن تكون مبنية على توازن دقيق جداً، التشبث بقوّة بالماضي قد يعيقنا عن التقدّم نحو المستقبل، وحتى أن نزيله بشكل كامل فهذا بالضبط كمن يستأصل زهرة من الجذور!
تجربتي مع الماضي هي تجربة أعتقد أنني استفدت منها، فأنا استخدم الماضي بطريقة يمكنك أن تقول عنها أنّها إيجابية فعلاً، استخدمها بثلاثة أمور محورية، أول الأمر، أراجع الماضي عادةً بحثاً عن الدروس المستفادة، حيث يمكن أن يكون الماضي كنز حرفي، أنا في بعض المواقف شعرت بأنّ الماضي كان لي كنز لشدة الأمور التي أراحني بها أو من تكرارها، من الخبرة، نحن نتعلم من النجاحات والإخفاقات الماضية، هذا واضح بالتاريخ الجماعي للدول والأمبراطوريات، البشر يتعلّمون من بعضهم، وبعد السفر أستطيع أن أقول هناك أنّ عامل ثاني أضيف أيضاً لهذه العملية، جانب إيجابي جديد وهو الحنين، يمكن للذكريات الجميلة أن تجلب الراحة والبهجة وتذكرنا بأحبائنا والإنجازات والأوقات البسيطة، هذا الماضي مثلاً لماذا عليّ محوه؟
الماضي دروس والحاضر نعيشه بجميع تجلياته، أما المستقبل نخطط له بناء على دروس الماضي وظروف الحاضر، ولا ينبغي للماضي أن يتمادى أكثر من كونه ماضي قد ولى ليغدو دروسا اكتسبناها وخبرات إنضافت إلى خبرات الحياة المتراكمة على مدار السنين، فإذا تركت المجال لأحداث الماضي لتتحكم في سير الحياة وبناء المواقف والأراء، ستراه قد قيد العقل والقلب في بؤرة التأنيب وجلد الذات إلى ما لانهاية.
التعليقات