الحالة الوحيدة التي لا يؤثر فيها الموت علينا هو أن نموت نحن، غير ذلك نبكى ونحزن أو نخاف على الأقل، إذا لماذا نفعل رغم يقينية الموت !؟ نعلم أن أصدقائنا وأقرباءنا ومعارفنا سيموتون، رغم معرفتنا أن شبح الموت يحيط بنا ويختار مرافقيه من وسطنا كل ليلة بعشوائية فردا فردا الى أن ياتي دورنا؟
لربما للأمر علاقة بهاجس الخلود الذي يتبدد تحت أرجل الموت بلا هوادة، أو لربما للأمر علاقة بذكرياتنا التي تفقد رويدا كلما فقدنا عزيز أو صديقاً نعرفه فلإنسان لا شئ بدون ذكرياته والذكريات لا معني لها أن لم يشاركنا إياها أحد، ومؤكد فان لأمر فزعنا من الموت علاقة وطيدة بموضع الذين نفقدهم من ذاكرتنا وذكرياتنا…ويبقى السؤال هل يمكننا النجاة من الفقد !؟
ايامي الماضية هي خليط من التوهان في سراب الذكريات والتوقع والاحتمالات، اعتقد أن الفقد حالة ملازمة لوجود الإنسان و المقابل الموضوعي له هو الحنين كموضوع أصيل في تكوينه.
الحنين هو العاطفة التي كل ما تذكرت الانسان تذكرتها أولاً، فيها حنينه لما عاشه و حنينه لمن كانوا معه، و حنين للعالم من بعده و حنين منذ قصةالوجود لمكان أبعد عنه.و حنين للغياب.و ربما الحنين فشل في سياق الحاضر، لكن أظنه *كلمة مفتاحية*.
رغم ان الفقد في مواجهته يجعلك تشعر بخفة الأشياء من بعده و احتمال فنائها يجبلك على استياعبها في سياقها الشاعري و يترك رهافة الحس مقرونة بزهد لا يحركه اليأس بل التقبل.
اقول مواجهته، و أعنى الإعتراف به، حيث تكافح الظلمة بالنور.
بالرجوع لكلمتي المفتاحية أقول: أحاول النجاة بفعل الحنين ذاته لكنه حنين فاعل بتدوير الجمال في ذكرى من نحب في مقابل حنين هارب في تدويرالهزيمة.
بعد الفقد ستشعر بحجمك داخل سياق الواقعي، ليس تقليلا لكنه تحرير من ثقل التمسك، و التوقع صديق السوء.
لذلك سأحاول النجاة بفعل الحنين ..