16/05/2023
" ثمة نوعان من الماضي ، الماضي الذي نصنعه سوية .. وَ الماضي الذي نقترفه منفردين في البعد وَ الغياب .. "
عزيز بارودي
السابعة و قليل من الدقائق المتسربة من ساعة الحائط..
بمساء هذا اليوم البارد الذي يحاول عنوة التمرد على أيام أيار الدافئة و إحياء أمجاد الشتاءٍ الذي تعَوَّد على جلدنا.
أحاول أنا التمرد عليك و على ذكراك المُتعِبة..
تستوقفني عبارة عزيز عن الماضي، و عن صناعته، ياترى أي ماضٍ ذلك الذي أثثنا له يا غابرييل؟
و أي جرائم تلك التي نقترفها في حق أنفسنا و نحن بعيدين و غريبين و غائبين عن بعض؟
تلتهمنا الوحدة و تهجم علينا مثل كلاب ضالة فتردينا عند أبواب كل ذكرى جثثا هامدة و أشلاء .
ما الذي صنعناه معا، جل ما تمكنا من صناعته، كان شكلا مغايرا من أشكال الوجع، نوع آخر من صناعة الحزن و سد نزيف الجراح بجراح أعمق.
مازلت أذكر عبارتك تلك جيدا حين قلت: الأجمل أن نصنع من الليمونة المالحة شرابا حلوا.
هذا ربما ما اعتقده كلانا بعد الفراق، هذا ما تمنيناه و لكن بقيت الليمونة على حالها بحموضة أيام و ليال أخيرة تشاركناها.
ليال أبدع كل منا في مبارزة الآخر، في إظهار عضلاته أمامه، إستسلمت أنا و بقيت لوحدك تجوبين الحلبة للبحث عن شيء لم يمت بعد بقلبي، لإعدام كل فرصة في الرجوع أو العودة..
لا أدري ما الداعي لتذكر كل هذه التفاصيل التي لم تعد مهمة، ربما هي برودة الطقس، أو عبارة عزيز المستفزة عن الماضي و البعد و الغياب هو ما سحبني عند عتباتك مجددا ..
أكتب لك من مدينة لم تعد تشبهني، و لم أعد أقوى على حمل ملامحها فوق كاهلي .
غابرييل
لا أخفي عليك أني لم أعد أتمنى شيئا بهته اللحظة، فلم يعد الدعاء و لا التمني مجديا هته الأيام.
كل ما أتمناه أن تكوني مثل زهورك بخير، أتمنى أنك وجدت من يُحبها و يجيد الإعتناء بها أيضا مثلما كنتِ تفعلين.
أما أنا فلا تقلقي لم يتبقى مني ما يمكن أن أعتني به..
يستحضرني قول درويش ذات مساء..
ليس لنا في الحنين يد وفي البُعد كان لنا ألفُ يد سلامٌ عليك ، أفتقدتُك جداً وعليَّ السلامُ فيما افتقد .!
كوني بخير، سلام.
آرثر
#موساوي_عبدالغني