"انحظرت!" - هذه الكلمة كم مرّةً رددناها أثناء تصفّحنا على مواقع التواصل الاجتماعي سواء فيسبوك أو انستغرام أو يوتيوب أو بوتيرة أقل كـ لينكدإن وتيكتوك؟ كم مرّة رددنا هذه الكلمة واستغربنا من السبب ليكون أخيراً في إطارٍ موحّد غالباً عنوانه: مخالفة المعايير! - تسأل نفسك فوراً هذا السؤال: ولكن ما الذي أنا قد فعلته أثناء تصفّحي وصناعتي لمحتوايي الشخصي أو التجاري وتعليقاتي يُشكّل خرقاً لهذه المعايير؟ أنا لم أروّج للعنف ولم أطلق كلمات بذيئة على أحد ولا حتّى أفكاري تمثّل أيّ خطرٍ أو حتى تنمّر على الآخرين، ما الذي حصل؟ 

الإجابة المُستفزّة ذاتها: لقد خرقت معايير المُجتمع (وهنا تقصد المنصّة المجتمع الافتراضي الموجود ضمن التطبيق) تحاول بعد ذلك أن تُمعن التفحّص فتكتشف فعلاً أنّ هناك منشوراً قد كتبت به عن مشكلة ما مثلاً وهنا أريد أن أقحم تجربتي الشخصية في المساهمة علّني ألقي ضوءاً عملياً على الحاصل في هذه المجتمعات الافتراضية التي يجب أن تكون ذكية، أو على أقل تقدير ليست غبيّة إلى هذا الحدّ.

أعمل في دار نشر منذ فترة طويلة كمطوّر للمحتوى ومنشئ له، أثناء عملي على الترويج للكتب أضطّر كثيراً إلى وضع نبذات عن هذه الكتب وموضوعاتها، هذه الموضوعات بكثير من الأحيان ليست روايات وقصص عادية، بل كتب اختصاصية يكتبها أهم مفكرين وكتّاب المنطقة العربية والعالم كتأليف وترجمة تناقش مواضيع مهمّة في المجتمعات ولكن من منظور علمي بحت: الدولة - الحرب - الإرهاب - المواضيع الجنسية والعلاقات العاطفية - الصهاينة - الكوميديا ..إلخ وأثناء وضعي لهذه النبذات وشرح مضامين هذه الكتب تعرّضت صفحتين كنت قد أنشأتهم لحظر بناءً على هذا العمل!

الأصعب كانت منصّة فيسبوك، ولكن كلّهم كان يجمعهم قاسم مشترك واحد تقريباً هو الحظر بناءً على الكلمة لا السياق، يحث يقول لك التطبيق أنّك قد خرقت المعايير وتنمّرت مثلاً، تلتقط المنشور فترى أنّك قد شرحت كتاباً ما يتحدّث عن شخص بعينه من الزعماء أو القادة قبل 200 سنة وأكثر! يقال لك أنّك مروّج للعنف وأنت تشرح مضامين كتاب يفنّد مواضيع لها علاقة بالحروب قديمها وحديثها. 

للصراحة مُتعب العمل ضمن هذه القيود، مُتعب جداً، أتسأئل عن وجود حلول جذرية للأمر من طرفكم؟ وأتسأئل أيضاً كيف تتعاملون مع هذه المشكلة أثناء صناعتكم للمحتوى الخاص بكم؟