مَن الذي أخبرك بأنّ الإله خلقنا وجعلنا نعيش ما نحن فيه لأجل الجنة؟؟
الإله لم يربط وجودنا بالجنة، نحن من فعل ذلك، نقول بأننا سنفعل كلّ ما هو مطلوب منا لأننا نريد الجنة ولا نريد دخول النار.
أتريد الحقّ؟ لو كنّا مؤمنين كفاية وصادقين في حبنا للإله، لأحببناه وعبدناه دون أن نفكر بخاتمة لهذا الحبّ ولهذه العبادة، ودون أن ننتظر المكافأة.
لذلك دعنا نتفق مسبقاً بأن الرغبة في الجنة أو الخوف من النار ليس هدف الإله، وإنما هو الحتمية الطبيعية لأفعالنا وفق ما تبرره أنفسنا لنا.
والآن لنتفق على أمر آخر، هل علم الإله بما أنت عليه في ماضيك وحاضرك ومستقبلك ينقص من معرفتك شيئاً أو يزيد فيها شيئاً؟
الأمر أشبه بعلاقتنا مع أمهاتنا وآبائنا.. حين يراني أبي آكل المثلجات طيلة اليوم سيكون متأكداً من أنني سأصاب بالتهاب الحلق وقد أصاب أيضاً بالتهاب بالرئة، ربما يحاول والدي منعي وربما يكتفي بتركي أفعل ما أريد أن أفعله لأنه قراري بالنهاية..
هل معرفة والدي بالنتائج المترتبة على أفعالي لها علاقة بقراراتي بأن أقوم بهذا الفعل؟؟
هل معرفة والدي بنتائج أفعالي سيغير توجهاتي ونيّتي لفعل الأمر؟؟
سأكون واعٍ كفاية لأعلم بأنني كيان له حرية الاختيار وحرية اتخاذ القرار وحرية التفكير، وسأتحمل نتيجة خياراتي بغض النظر كان والدي يعلم أن تناول للمثلجات سيتسبب بالتهاب رئوي لي من عدمه سأتناول المثلجات لأنني حرّ وليس لأنني أخشى التهاب الرئة مثلاً.
ما أعنيه بأن دعنا نتفق.. ما يعلمه الإله يخصّه وحده، فما يعلمه ويعرفه ويدركه هي تفاصيل مهما بلغ إدراكي لها لن يصل لدرجة معرفة تفاصيلها وكينونتها، وسيبقى علمي قاصراً لأن طبيعة عقلي وأفكاري بالأصل قاصرة.. لذلك ما يعلمه الإله يخصّه وما يعلمه لا يعني أنني لست حراً باتخاذ قراراتي.
بالنهاية أنا أريد أن أموت.. هل يوجد مَن يمنعني؟؟
طالما لم أفكر بمشاعر عائلتي.. ولم أفكر بأثر رغبتي بالانتحار، ولم أفكر بأية نتائج فلماذا أكترث؟؟
إن طرح الأسئلة المتتالية للرغبة بدخول الجنة أو عدم دخول النار مسألة لا تعني مَن لا يكترث..
إنها تعني من يؤمنون بها، أما من لا يؤمن أو لا يكترث فعليه أن يفعل ما يريد فعله دون أن يفكر بما يظنه الآخرون ويؤمنون به.
يعني تعال لنتفق.. لو جلسنا أنا وأنت مع مجموعة تؤمن بتبلبّس الجن لجسم الإنسان، وتؤمن بأنّ الإنسان الذي يصادق الجن قد يطير بالهواء (لنفرض ماشي؟؟؟)
إيمان هؤلاء بهذا الأمر من عدمه هل سيؤثر بقناعاتي أنا وأنت (على افتراض أننا لا نؤمن أصلاً بوجود حالة التلبس أو معرفة العالم الآخر)؟
سنقول لأنفسنا.. هو حر فليؤمن بما يشاء، لكنني لا أؤمن بما يؤمن به هذا الشخص.
ذات الأمر للجنة والنار والثواب والعقاب والحياة الدنيا والحياة الآخرة.. ماذا يهمك كيف أرى أنا الأمر أو كيف أؤمن به؟؟
بالنهاية هل تؤمن أنت به؟ هل تفكر بالأمر؟ إنه لا يعنيك؟؟ حسناً.. هذا المهم والذي بناء عليه ستقوم أفعالك، وليس ما أراه أنا وتقوم عليه أفعالي.
التعليقات