اعتذر لغيابي الطويل هذه المرة ولا اعلم حقا ان كنت تتحرق شوقا لمعرفة بقية هذه القصة ام انك شعرت بالملل منها ففي النهاية هذا رايك الخاص و كل ما سوف افعله هو الاستمرار بالكتابة والتي اعدها متنفسي الأكثر فعالية لإراحتي من الضغوطات.
لقد توقفنا في المرة الماضية عند فترة ما قبل المدرسة و التي قضيت معظمها وحيدا تماما في المنزل مع أصوات اغصان الأشجار التي تضرب النافذة بفعل الرياح و الضوء الخافت للشمس التي تحجبها الغيوم فهذه هي الذكرى الأقوى في ذاكرتي واتذكر أيضا وقوفي عند الباب أحيانا في انتظار افراد اسرتي الذين تركوني في المنزل لقضاء حواجيهم فكان والدي يعملان واخوتي الكبار يدرسون وكنت طفلا خائفا لكن مع الوقت اعتدت ذلك بل وجدت راحتي لا تكمل الا بتواجدي وحيدا في المنزل بغرفة ضوئها خافت .
جرت الأيام و حان موعد دخولي للمدرسة بالصف الأول الابتدائي و الذي كان يبدوا في عيوني الطفولية ككوكب المريخ بقوانين لا افهمها وربما قد فهمت بعضها الان بعد ان كبرت لكن ما زال العديد منها غير منطقي حتى يومي هذا .
حيث كان الأطفال في فصلي يشكلون أحزابا و جماعات و الأقوى اجتماعيا (من تكون والدته مدرسة او عاملة في ذات المدرسة) يكون هو القائد و الذي يتبعه البقية بشكل اعمى وبسبب كوني كنت طفلا منطقيا فرئيت ان هذا غريب، لم يتبع الجميع هؤلاء القادة؟ ولما يقومون باضطهاد الأطفال الذين لا يعجبوا بهم القادة لكون مزاجهم معكر ؟هذه تساؤلات كانت تطفوا في عقلي الصغير فرفضت ان انضم لهذه الحزبية التي رايتها غير صائبة وبسبب كوني كنت شخص بمبادئ منذ الطفولة امضيت حصص اللعب و الفراغ وحيدا اتخيل نفسي بطلا خارقا ينقذ العالم و اللعب مع نفسي في مكان غير مكشوف في الغالب كان خلف احد مباني مدرستي ليكون ذلك المكان الذي رسخ في ذاكرتي وكلما تذكرت طفولتي اضاءة صورته ذهني لتظهر ابتسامة خفيفة على وجهي دون وعي بدافع السخرية من الماضي .
مرت السنوات وما زلت طفلا وحيدا يعيش في عالمه الخاص في المدرسة و المنزل فلم يكن الامر يختلف كثيرا في منزلي فكان والداي يعملان معظم الوقت و بقيته يكونان متعبان وبحاجة الى استراحة واما اخوتي فلم نكن ننسجم لانهم كانوا دائما ما يتهامسون عند تواجدي معهم ويصمتون عند دخولي الغرفة و التي كانت إشارة واضحة حتى لطفل في السادسة بكونه غير مرحب به وما هو الا مصدر ازعاج و في احدى المرات استجمعت شجاعتي وقررت السؤال لقطع الشك باليقين عن سبب نبذي من قبلهم وكانت الإجابة بكونه الفارق العمري و الذي بلغ اربع سنوات بيني وبين اخي الأكبر سنا اما من يكبره فكان الفارق بيننا سته سنوات وفي عقلي الصغير اعتقدت ان هذا ليس سببا جديا ولكن للأسف لم اعلم في ذلك الوقت ان اخوتي سطحيون فقط كالبقية العظمى في أيامنا هذه .
بدأت ابحث عن السبب فسالت والدي مره ’ لم قد ينبذ الشخص ؟’وكنت قد سالته بصيغة المجهول لأني اعلم اني ان اخبرته بذلك بسوف ينكر كوني وحيدا و باني امتلك عائلة وهذا اهراء الذي يحاول الاهل استخدامه لتخفيف عن أطفالهم عندها اخبرني هذه المقولة "ان اخبرك شخص بانك مخطئ فلا تستمع له وان اخبرك اثنان لا تستمع لهما لكن ان اخبرك اكثر من ثلاثة فان الخطب بك " وهذه المقولة التي قالها ابي وهو يسقي الأشجار في حديقتنا كانت بداية معاناتي وسقوطي في هاوية الجحيم .
التعليقات