أثناءَ جلوسِها في المقهى وتأمُلِها عبر النافذةِ ، شعرت نورسين بهواءٍ يُصيبُ جسدها بسبب شابٍ دخلَ الى المقهى ، نظرت بأتجاهِ البابِ فوجدت شابَ تبدو عليهِ ملامِحَ التعجرُفِ و اللامبالاةِ ، وعادت الى نافِذتِها .

دارَ نِقاشٌ بين النادلِ والشابِ الذي كانَ يُحاولُ خطفَ الأنظارِ من قِبلِ الفتياتِ في المقهى ، و أصبحَ النقاشُ والأزعاجُ يعلو شيئاً فشيئاً مما أثارَ غضبَ نورسين وجعلها تتوجهُ نحوَ الشابِ وتوبِخهُ ببعضِ الكلماتِ التي لم تترك أثراً في داخلِ الشابِ الأ الأعجابَ في جراءتِها وجمالِها ، ثم خرجت نورسين ولحِق بها الشابُ ليوقِفها ويتسألُ عن إسمِها ، وعندما أخبرتهُ بالأسمِ قالَ لها أنتي جميلةٌ كالقمرِ و نورِهِ كما يتسمُ أسمكِ وقال بالمناسبةِ أنا أدعى نامار ، أبتسمت له نورسين أبتسامةَ أنهاءِ الحديثِ وذهبت في طريقِها .

في اليوم التالي رأها نامار وحاولَ أعتراضَ طريقِها للحديثِ معها ، فصدت عنهُ وقالت لا تتبعني يا هذا فأنا لا أُريدُ الحديثَ مع شخصٍ مُتعجرفٍ مثلُكَ كما أنكَ لست ممن ألتفتُ لهُم ، غضِبَ نامار من كلامِ نورسين وأصبحَ دائِمَ الأعتراضِ لها لأنها قد تصدت لهُ ولم تعيرَهُ أي أهتمامٍ ، مرةً تلوى الأخرى وكان الرفضُ من نورسين يُغضِبُ نامار كثيراً ، وما أشعلَ غضبهُ أكثر أنهُ كانَ يُريدُ الأرتباطَ بِها ولكنها رفضت .

وذاتَ يومٍ وجدَ نامار نورسين تجلسُ في المقهى ولكن هذهِ المره لم تكُن وحدها فقد كانَ معها شابٌ ذو شخصيةٍ جذابةٍ ومحبوبةٍ يدعى أبيل الذي وقعَ في غرامِ تلكَ الفاتِنة ، فتوجهَ نامار نحوهمَ ليعرفَ ما ينقُصهُ عن أبيل ولماذا فضلتهُ عليه فأخبرتهُ نورسين أن لا شيء ينقصكَ سوى أنك شخصيةٌ لا أرغبُ بالأرتباطِ بها فدعني وشأني هيا ، ورحلَ نامار غاضِباً حامِلاً حِقدً كبيرً فهو لم يستطيعَ تركها لأبيل عِلماً بأن كُل الفتياتِ لا تقبلُ الأرتباطَ بهِ بسببِ تملُكِه و أنانيتهِ الأ أن نورسين الوحيدةُ التي حركت شيئاً بداخلهِ ، وبسببِ رفضِها بدأ يرى نفسهُ مهزوزا النفسِ مرفوضاً من الجميعِ فحاولَ الأنتقامَ منها .

مع مرورِ الأيامِ والحقدُ يزدادُ بداخلهِ عندما يرى أبيل و نورسين سوياً ولكنهُ لا يستطيعُ أن يؤذيِها لأنهُ يُحبُها ، وفجأةً سمِعَ صوتاً يأتي من خلفِهِ ويقول يبدو أنكَ تريدُ الأنتقامَ فهذا واضِحٌ على ملامِحكَ ، ألتفتَ نامار فوجدَ رجلاً ذو ملابسَ غريبةٍ يقفُ خلفهُ فقال لهُ كيفَ ردَ عليهِ الرجُلَ قائِلاً سأجعلُكَ تأخذُ أنتقامكَ بشكلٍ لم يخطُرَ لكَ أبداً ، وهنا قد أعمى نامار الحُبَ ليصِلَ بهِ الى أذيةِ نورسين التي فقط رفضتهُ ، وذهبَ نامار مع الرجلَ الى منزلهِ الذي كانَ يملئهُ الدماءُ والبخورُ و الكلِماتُ التي لم تكُن مفهومةً لنامار الذي فيما بعد أكتشفَ أن الرجلَ ما هو الأ ساحِرٌ لعين يريدُ تعليمهُ السحر ، ولكنَ نامار لم يدري أن سبب تعليمِ الساحرِ لهُ ما هو الأ طلبٌ من أحد الجنِ الذي أرادَ الرجلُ الأعتزالِ من تحتِ سيطرتِهم فكما نعلمُ أن الجنَ لا يفعلُ شيئاً دونَ مُقابلٍ وكانَ هذا هو المقابلُ أن يعتزِلَ الرجُلَ لكن لا بدَ لهُ أن يُعلمَ السحرَ لشخصٍ أخر من أجلِ أن يبقى الشرُ والدمويةُ سائِدةً بينَ البشر ، وعلى مرِ الأيامِ والشهورِ تعلمَ نامار كُل شيء من أمورِ السحرِ والشعوذةِ وأصبحَ قلبهُ مظلِماً جداً والشرُ يملئُ كل جسدِه وعادَ من أجلِ أنتقامهِ من أبيل ونورسين بشكلٍ خاص .

جلسَ نامار في غرفتهِ و أوقدَ الشموعَ وبدأ بالعزائِمِ والطلاسمِ ورسمِ الرموزِ الكثيرَ وسطَ دائرةٍ قد رُسِمت بدماءٍ حيواناتٍ ذُبِحت كقربانٍ للجن ، ثم بدء بالتمتماتِ للأستحضار ، وبينما هو يتمتمُ ويهمسُ ظهرَ لهُ ثُعبانٌ أسودٌ من بينِ ظلالِ الشموعِ وهمسَ لهُ بأن يقولَ ما لديهِ فأخبرهُ نامار برغبتهِ في قتلِ نورسين لكنَ الجنَ الذي تشكلَ على هيئةِ ثُعبانٍ أسود همسَ بأنَ هذا الطلبُ يُكلفُ دماً لطفلةٍ صغيرةٍ و أن دماءَ الحيواناتِ لا تفي بالغرض ثم تلاشى الثعبانُ ولم يترك خياراً لنامار الأ أيجادَ طفلةٍ وقتلها ، أنتظرَ نامار خروجَ أحد الجيرانِ الذينَ كانوا مُعتادينَ على تركِ أطفالِهم في المنزلِ مع المُربيةِ وذهبَ ليطرقَ البابَ على المُربية سائِلاً أياها وجودَ القليلِ من القهوةٍ وما أن ألتفتت المُربيةُ الى الداخلِ كانَ نامار قد نحرَ عنُقها و أخذَ الطفلةَ وقتلها ورسمَ بدمائِها الطلاسِمَ وقدمها قربانً للجن ليعودَ الثُعبانُ ويُخبِرَهُ بأن الأمرَ سوفَ يتمُ الأن .

جلسَ نامار ينتظِرُ ويُراقِبُ نورسين يومان ولم يحدُث أي شيء ، فعادَ للأستحضار الجن ويرى ماذا يجري وعندَ ظهورهِ همسَ لهُ بأنهُ يريدُ قتلَ طفلٍ حديثِ الولادةِ و أمهِ زاعِماً أن الفتاةَ مُحصنةٌ ولا بدَ من ذلك ، فعادَ نامار للبحثِ وكانَ قد ذهبَ الى المشفى وكِل مكانٍ بحثاً عن الطلب حتى وجدَ أمرأةً تلدُ حديثاً ، لم يستطيعَ قتلهُما لكنهُ تذكرَ أنتقامهُ فدخلَ وقتلَ الأمَ وطفلها و أحضرَ معهُ دماءَ بعضِ الحيواناتِ أجتهاداً منهُ راجياً ان يُتِمَ الجنُ الأمرَ الذي سوفَ يشفي غليلهُ ، فوافقَ الجنُ ومسَ نورسين فجعلهاَ كالمجنونةِ تُكلِمُ نفسها وتؤذي نفسها بأشياءٍ حادةٍ وأن تؤذي أبيل معها حتى جعلها تصعدُ فوقَ جسرٍ وتُلقي بنفسِها وتموت ، لم يستطيعَ أبيل ألحقَ بها وضلَ حزيناً يائساً على فُراقِ من أحبها .

وهنا قد شعرَ نامار بشيءٍ وكأنهُ حزنٌ على نورسين وأستيقظَ من حقدهِ وظلالهِ لكن بعدما أن نفذَ الشرَ الذي أرادهُ الجِن وقتلَ بأفعالهِ الفتاةَ الذي يُحبُها وكأنهُ طبقَ ذلكَ المثلَ الذي يقولُ ومن الحُبِ ما قتل فقد أعمى بصرهُ الحُب حتى جعلهُ يؤذيِ من يُحب ، وأرادَ نامار أعتزالَ السحرِ والشعوذةِ الأ أن الجنَ رفضَ فهوَ يُريدُ مُقابِلاً لذلكَ الشيء لكنَ نامار لم يعطي أي شيء ، لقد ظنَ أنهُ سيدٌ على الجنِ ولم يكن يدري أن الجنَ أصبحَ سيداً عليهِ وتملكهُ بذنوبٍ ومعاصٍ وعلقَ في رقبتهِ أرواحاً بريئةً ماتت دونَ سببٍ ، فرحلَ نامار بعيداً لكنَ الجنَ جاءهُ ومسَ جسدهُ فأصبحَ جسدهُ يحترقُ وجلدهُ يذوبُ ببطءٍ حتى أصبحَ يصرُخ بصوتٍ عالٍ جداً عمَ أرجاءَ المكانِ كُلِ ، وأجتمعَ الناسُ على صُراخهِ فوجدُهُ محترِقاً جراء أشعالهِ للغازِ وحرقِ نفسهِ .

لقد أوهمهُ الجنُ بالمسِ حتى أظلَ عقلهُ وقتلَ نفسهُ .

أن ما يقتلُ المرءُ هو الوهم والظلامُ الحالكُ الذي يغطي قلبهُ وعقلهُ ، فما الجنُ الأ وسيلةً تُخرِجُ أسوأ ما في المرءِ من شرورٍ وحقدٍ وأفكارٍ شيطانيةٍ كثيره نجدُ في نهايتهِا أن الجنَ جلسَ ينظرُ للأنسانِ وهو يقترفُ كل الشرور وكأنَ الأنسانَ هو الشرُ بذاته

الأسماء المذكوره في القصه سريانية وتعني

نامار : الغضب

نورسين : ضوء القمر

أبيل : الحزين