في كل مره تفعل فيها خير هل سألت نفسك يوما ماذا استفادت ؟ أم مجرد واجب عليك فعله مثل البقية أو مثلما ينصحنا الاخرون به ! هل تعمقت في معنى العمل الخيري وفوائده على شخصيتك ؟ يجب عليِ إخبارك يا عزيزي القارئ بأن خط سيرنا في الحياة ليس بالمعنى الحرفي بأنك لن تلتق بالاشخاص الذي تراهم ثانية , أو الفعل الذي قمت به لن تسترده ثانية . فنحن البشر وأيضًا حياتنا تشبه الدائره , فما تعطيه لغيرك في يده سيمرره للأخر ثم للأخر حتى اخر الدائرة وسيعود لك يوما ما . فأعطِ ما تُحب أن تُمنح . ودليل على ذلك .

حدث ذلك منذ عقود مضت في اسكتلندا.

" النجدة! النجدة! هلا ساعدني أحد " انطلقت تلك الصيحات من مستنقع قريب، سمعها فلاح اسكتلندي فقير و انطلق نحو منطقة المستنقع الخطيرة لمد يد العون، و هناك وجد فتى يغوص في طين أسود كثيف، كان أوان إنقاذ الطفل يفوت، و لكن تم إنقاذه بمساعدة الفلاح الفقير. و في اليوم التالي سمع الفلاح صوت طرق على بابه و عندما فتح بابه، وجد أمامه سيدا ثريا و ربما يكون من الأسرة المالكة، وصل إلى المكان بمركبة فخمة جدا، و تساءل الفلاح المسكين في حيرة عن السبب الذي يجعل شخصا له مثل هذه المكانة المرموقة الواضحة يأتي إليه، و كان الرد على تساؤله سريعا. لقد أنقذت ابني بالأمس، و أنا هنا لأعطيك مكافأة، هكذا كان رد السيد الأنيق. إلا أن الفلاح لم يقبل المال الذي عرضه عليه صاحب المكانة السامية. نظر السيد الغني، الراغب بشدة في إعطاء هدية تعبر عن امتنانه، في أنحاء المسكن المتواضع و وجد فيه فتى صغيرا. حينها قال: " حيث إنك ساعدت ولدي، فإنني سأساعد ابنك بالمثل. إذا سمحت لي باصطحاب ابنك معي، فسأحرص على أن يتلقى أرقى تعليم ممكن في البلاد ". ابتسم الفلاح الفقير و قبل هذا العرض. حافظ النبيل الثري على وعده الكريم، و تخرج ابن الفلاح الاسكتلندي بعد ذلك من كلية طب مستشفى سانت ماري في لندن. و بسبب المنحة التعليمية التي تلقاها من النبيل الثري؛ قدم ابن الفلاح الفقير بدوره هدية للعالم بأسره فقد اكتشف البنسلين. كان اسمه ( سير الكساندر فليمنج ) و مرة ثانية، تعرضت حياة ابن النبيل الثري للخطر، لقد كان راقدا يحتضر بسبب الالتهاب الرئوي بعد أن كبر و نضج. و المفارقة أن ابن الفلاح الفقير هو من أنقذه هذه المرة عندما وصف له البنسلين. لقد تكفل الثري النبيل، " اللورد راندولف " بتعليم سير " الكساندر فليمنج " ، و كان هذا التعليم هو السبب في إنقاذ ابنه، " وينستون تشرشل ".

القصة مقتبسة من كتاب " مميز بالاصفر "

  • ياسمين عماد