يرى الكثيرون "وأنا منهم" بأنّ العمل هو الذي يخلق للحياة معنى، وبلا شك أنّ هذا الأمر متفق عليه لدى غالبية البشر، فبدون العمل تُصبح الحياة لا جدوىً منها، ويُقال "إذا كان العمل مجهدة فإنّ الفراغ مفسدة"، لذا فالعمل يبث حالةً من الرضا والتقدير الذاتي جرّاء إنجاز المهام الموكلة إليك، إلا أنّنا في بعض الأحيان نشعر بقلّة إنتاجيتنا بشكل مفاجئ ولا نُدرك مصدر ذلك، وقد ذكرت الدراسات المهنية العديد من الأسباب التي تقود إلى انخفاض الإنتاجية لدى الفرد، ولست ممّن يخوضون في هذا الصدد، حيث أنّ الأسباب كثيرة ومتشعبة، إلا أنّني أذكر في هذه المقالة، تجربتي وملاحظاتي الشخصية فيما يؤثر في الغالب على إنتاجيتي سواءً كنت أعمل عن بُعد أو في دوام رسمي يومي، فكانت الأسباب التالية:

1- "كثرة المهام" ، سيعترض الكثير من المدراء وربما أصحاب الشركات أو المشاريع الصغيرة على هذه الكلمتين، فمن المعروف أنّ الموظف لابد أنّ يؤدي مهامه المفوض بها من قِبل إدارة القسم التابع له أو إدارة المنظمة التجارية، إلا أنّ هذه الفئتين لا تُدرك أنّ الجهد البشري وإنّ كان جباراً، فإنّه مع مرور الوقت سيقلّ وقد يضمحل، فكثرة المهام قد تؤدي بالموظف في بادئ الأمر إلى الحماسة، بل وقد تقوده بعض العبارات التحفيزية سواءً من الشبكة العنكبوتية أو من رئيسه، إلى الشعور بضرورة قهر التحدي الجديد الذي بلا شك أنّه قادر على القيام به، إلا أنّ الأمر لن يعدو سوى "فقاعة مؤقتة" وستنتهي أو تزول، والذي سيتبقى هو قلّة جودة المهام التي يقوم بها هذا الموظف!

2- "عدم ترتيب الأولويات"، أحياناً نستيقظ من النوم وكأنما حُيزت لنا الدنيا وما فيها، نصحو بطاقة عالية ونرغب في أنّ نقوم بالكثير والكثير من الأمور، دون انّ تُرتب تلك المهام، ما الأهم وما هو المهم؟!، بلا شك أنّ الكثيرون يحدث معهم ذلك وأنا منهم، فنضيع في محاولات مستمرة لإنجاز "الكل"، في حين أنّنا لو سخرنا محاولاتنا المستبسلة على أداء "الجزء" بإتقان، فإنّ الثمار التي سنجنيها، ستكون ناضجة وأكثر نفعاً لكافة الأطراف، مؤخراً بتُ أستعين بمذكرة لكتابة المهام الأهم كل يوم.

3- "التشتت الرقمي"، وربما هو سمة العصر الحديث، أقوم بأداء أمرٍ ما، فتردني رسالة عبر البريد الإلكتروني أو أحد وسائل التواصل الاجتماعي، فأٌسرع إلى فتحها ومن ثمّ بدون وعي وبشكل تلقائي، أقوم بإغلاقها ومن ثمّ، تتحرك يديّ لتقوم بالنقر والبحث والتصفح في بحر الشبكة العنكبوتية الشاسع، وهكذا، أخوض في هذه الدوامة اللانهائية، وأنسى أنّني كنتِ أعمل على أمر ما ولابد من إتمامه.

4- "العمل ساعات إضافية وعدم أخذ القسط الكافي من الراحة"، بلا شك أنّ هذا الأمر مألوفاً للكثيرين، فقد نضطر في بعض الأحيان إلى العمل ساعات إضافية لإنهاء مشروع مهم وعاجل، إلا أنّ تكرار ذلك يؤثر سلباً على صحة الإنسان ويُصيبه بالإرهاق، وهذا الأمر اكتشفته في ذاتي مبكراً ولله الحمد وقمت بالقضاء عليه، والعُقبى لكم.

5- "الموافقة على كل شئ"، بالتأكيد أنّنا قد سمعنا تكراراً المقولات التي تحث على الشجاعة وقول كلمة "لا"، إلا أنّنا نخاف في بعض الأحيان من ردة فعل الطرف الآخر، وبلا شك أنّني كغالبية الموظفين، لا يُحبذون قول تلك الكلمة لمدرائهم أو مُلاك المشاريع التي يعملون عليها، إلا أنّ جُلّ الأمر يكمن في الاقتناع بفكرة قول "لا"، فبعض الأحيان قول كلمة "نعم" والتلفظ بها سيؤذيك كثيراً، بعض الأذى قد يأتي على شكل تقصير في مهامك الرئيسية التي ستُحاسب عليها وأنت مسؤولاً عنها، والأذى الآخر سيكون على صحتك، فالنتيجة التي توصلت لها، أنّني كلما أعطيت مهامي الرئيسية أهمية وأولوية، وبادرت بإقناع الطرف الآخر بها، كلما اقتنع بذلك، ولن يُغدق عليّ بمهام إضافية ليست ذا قيمة عالية، وقد تكون مضيعة للوقت.

أخيراً أحط ذاتك بالإيجابيين المتفائلين وابتعد عن أصحاب الطاقات السلبية، الذين ينشرون جواً كئيباً في العمل، ولا بأس بالمرح للتجديد.

شاركوني، ماهي الأمور التي ساهمت في بعض الأوقات للتقليل من إنتاجيتكم الشخصية؟