في فريق التسويق لدينا، نستقبل كل صيف مجموعة من المتدربين من الطلاب والخريجين الجدد للتعلم بشكل عملي، وكان تدريب هذا العام على كتابة الخطط التسويقية الرقمية وخطط السوشال ميديا. بعد أن أجرى المتدربون أبحاثًا دقيقة باستخدام أدوات تحليل المنافسين والكلمات المفتاحية، قاموا بإدخال نتائجهم في GPT لبناء Agent يساعدهم في كتابة الخطة النهائية. ما نتج كان خطة متكاملة المظهر، مصاغة بلغة قوية ومنظمة، لكن عند مراجعتها اكتشفنا أنها لا تعكس شخصية العلامة التجارية ولا خصوصية السوق الذي نعمل فيه، بل بدت نسخة عامة يمكن أن تنطبق على أي شركة أخرى. هنا برزت المعضلة: عندما يصبح الذكاء الاصطناعي هو الأداة الأساسية لاستخراج الأفكار وصياغة المحتوى، كيف يمكن ضمان أن يظل الإبداع البشري والهوية الخاصة بالشركة جزءًا أساسيًا من الخطة؟
ماذا يحدث لثقافة الشركة عندما يصبح "النسخ واللصق" من أدوات الذكاء الاصطناعي هو السلوك السائد؟
أنا لا أعارض استخدام الذكاء الاصطناعي في هذه المهام، لكن أن يقتصر الأمر على النسخ واللصق بدون أي مدخل بشري، بل ربما حتى بدون أن يقرأ المستخدم ما أنتجه الذكاء الاصطناعي بتمعن، فهذه مشكلة كبيرة، لأنه اذا كان هذا هو ما سيفعله الموظف، فما حاجة المدير له؟ لماذا لا يكتب هو الأوامر لChatGPT ويوفر مرتبات الموظفين؟
المشكلة الأكبر أن الموظف عندما يقوم بعمل هذا وتراجعه فيه يشعر بالضيق وكأنه هو الذي أخطأ وليس الذكاء الاصطناعي.
وللأسف بمرور الوقت يصبح هذا الموظف منغلقا ويتباطأ ويتكاسل عن إنتاج الأفكار ويذهب إلى منطقة الرحرحة الفكرية.
لقد اصبح البعض فعلا يعتبر استخدام الذكاء الاصطناعي من حقه، وكأنه ليس مضطرا لعمل أي شيء بنفسه، واذا تمت مراجعته أو انتقاد عمله يتضجر جدا رغم أنه لم يستغرق دقيقة في اتمام هذه المهمة، لكن ما هي الطريقة الأنسب ليتعامل المدراء مع هذا النوع من الموظفين من وجهة نظرك؟
أعتقد يمكن ذلك عن طريق استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة مكملة لا بديلاً كاملاً، بحيث يبدأ الفريق البشري بتحديد نبرة العلامة التجارية وخصوصية السوق والجمهور المستهدف، ثم تُغذى الأداة بهذه المعطيات الدقيقة.
شخصيًا لا أؤيد أبدًا أن يقوم الذكاء الاصطناعي بكل المطلوب في هذه الحالة، لأن ببساطة الشغل كده بيطلع ملوش روح وكله شبه بعضه، ولا يمكن أن نتوقع منه شيئًا فريدًا دون تدخل بشري يضبط الاتجاه ويُضفي المعنى والتميز.
التعليقات