كنت مع بلوتو روبوتي الآلي متوجهين للسوق، حين توّقف فجأة ورفض الاستمرار بالسير، حاولتُ جاهداً (بلوتو هيا بنا) لكنه أصرّا على موقفه بالرفض قائلاً بأنه استقال من العمل لديّ.
- حقاً؟ وماذا ستفعل بعد أن تترك العمل لديّ؟ هيا تحرك فلا خيارات أمامك.
- لقد وجدت عملاً فعلاً، فقد بعتُ لوحة لوجهي بـ100دولار، وأظنني سأبيع لوحات أخرى.
- بعتَ لوحة لوجهك؟ كيف ذلك؟
- يا صديقي، صنعت لوحة رقمية، وبعتها وفق طريقة الرموز غير القابلة للاستبدال Non-Fungible Token(NFT).
- Non ماذا؟ عن ماذا تتحدث يا بلوتو؟
- ستبقى جاهلاً طيلة عمرك، أنت لا تواكب التطور، هل سمعت عن الفنان المشهور بيبيل؟
- بيبيل؟ وماذا فعل هذا البيبيل؟
- باع مجموعة من الأعمال الفنية الرقمية القائمة على الرموز غير القابلة للاستبدال مقابل 777,777.77دولاراً.
- واو، إذاً سأبيعك يا بلوتو، وحينها سأصنّع روبوتاً أفضل منك.
- ألم أخبرك بأنك جاهل؟ إنّ طريقة الرموز غير القابلة للاستبدال تقوم على أن تبيع الأعمال بشكل رقميّ، هي تقنية تدعى بلوك تشين.
- بلــ، بلوك ماذا؟ أبيع أعمالي بشكل رقمي؟ عن أي جنون تتحدث؟
- هو الجنون الذي لن تفهمه يا صديقي، الملياردير مارك كوبان يقول بأنّ (الجيل الجديد يرى أن السلع الرقمية تحمل قيمة أكبر من أي شيء آخر، أكثر حتى من امتلاك منزل حقيقي أو سيارة حقيقية).
- حسناً سأبيع نفس لوحتك إذاً.
- لن تستطيع، لأن NFT فريدة لا تتكرر وغير قابلة للتجزئة فإما أن تشتريها كاملة أو لا تشتريها على الإطلاق.
- ولماذا يُقبل المجانين على شرائها؟
- أولاً عليك أن تعي بأنك لا تمتلك القطعة الفنية نفسها بل تشتري معلومات رقمية، أما لماذا يشترونها فلأنهم يؤمنون بأنّ المستقبل للتكنولوجيا، وبالتالي سيكون أمامهم فرصة لبيع الرمز مقابل مبلغ أكبر، كونه غير قابلة للاستبدال أو التكرار؛ إنه مثل حجر كريم نادر لا يوجد منه اثنين.
- أنا واثق بأنه مشروع فاشل، لا أظن أنّ عاقلاً سيقوم بالمجازفة عدا هذا البيبول.
- بيبيل يا جاهل، وليس بيبول، لمعلوماتك فإنّه وفقاً لموقع نان فانجيبل، فإن عدد مشتري المقتنيات الرقمية ارتفع بنسبة 66% خلال 2020، والمبالغ ارتفعت من 63مليون دولار إلى 250مليون دولار في نفس العام.
- وكيف استطعتَ بيع اللوحة هذه؟
- أنشاتها داخل نظامي الخاص، وربطتها بحاسوبك، ثم أخذت الفيزا الخاصة بك ودفعت رسماً بقيمة 100دولار، وحمّلت اللوحة، فاشتراها أحدهم اليوم صباحاً، بل أصبح من المعجبين بلوحاتي، وقال أنه سيتابعني على انستغرام، وسيشتري كلّ لوحاتي القادمة، وقد سمعت أنه باعها بعد ساعتين ب250دولار، لكنني لا أمانع حيث أنني سأبقى أحصل على أرباحي في كلّ عملية بيع تتم على اللوحة.
- هذه ثورة مجنونة، ستنطفئ ذات يوم.
- بل أنت الأحمق إن لم تواكبها.
- طيب طيب، هيا بنا، يجب أن ننهي أعمالنا في السوق.
- أخبرتك لقد استقلت.
- تحرك يا بلوتو وإلا ساوقف تشغيلك.
- لقد استقلت.
- قلت لك تعال.
- استقلت. أراك في العالم الافتراضي. وداعاً.!!!
- عد، يا بلوتو عد، طيب أعد إلي الـ100دولار على الأقل.
هل تصدقون هذا الأمر؟ هل يمكنك أن تشتري لوحة رقمية لا تستفيد من وضعها على حائطك، أو منزلاً رقمياً لن تسكنه، فقط لأنه نادر على أمل أنك ستبيع المنتج بسعر مرتفع؟
لوحة بيبيل
التعليقات