إستيقظت يوما و نهضت من فراشي و وجدت الشمس مشرقتا و السماء ذو لون أزرق منفتح و جذاب , أخذت نفسي و خرجت من المنزل الأبيض و ما أن فتحت الباب قابلتني فراشة ملونة بكل ألوان الحب و الجمال و وقفت فوق أنفي تدغدغ أحاسيسي التي بت أشعر بها لأول مرة و رمشت و فتحت عيني مرة أخرى و رأيت الأرض خضراء متنوعة الورود و الألوان و أرانب تجري و تقفز بكل حيوية و نشاط , و قلت لنفسي لا بد أن أتجول قليلا , و في طريقي قابلت رجل و مرأة و كان عمرهما حقا يتجاوز الستين و على الأغلب هما زوجان و هذا يتضح بتبادل الحب بينهما و البسمة على وجههم المليئة بالحياة المتحابة و الجميلة فإبتسمت لهما و مضيت قدما في طريقي الذي إنبهرت بجماله و نقائه و صفائه و الجو الناعم بنغمات العصافير و بدون أي ضوضاء جارحة , و فجأة إصتدم بي طفل صغير كان يجري و يحمل بلونة هواء ذات لون أصفر فاتح ولها خيط أبيض جذاب يمسكها بها , وضحك لي و قال لي بكل أدب و أخلاق أتأسف لك يا عمي و ببرائته التي أحسست بها لأول مرة أدمعت عيناي حقاااا و قبلته ثم حضنته و ضميته لصدري بكل حنان و سمعته يقول أحبك يا عمي , حسنا كان علي أن أترك الفتى و أكمل طريقي في هذا اليوم الجميل الذي أنا فيه ووجهتي لحد الأن غير واضحة , أصابني بعض التعب فقلت لما لا أبحث عن مكان لأجلس فيه و بالطبع رأيت مكان مليئا بالأصوات البشرية إنه مكان عائلي في وسط الطبيعة يجلسون و الأطفال تجري و تصدر أصواتا حقا ممتعة , و أخذت ظل شجرة و قمت بالجلوس و الإتكاء على الشجرة و بعد مدة قصيرة أتى عندي شخص من حيث لا أتوقع فتاة لا يمكن وصفها بأنها جميلة بل كلمة جمال لا تعني شيء مقارنتا بروعتها , و قالت لي بكل رقة لما تجلس هنا وحدك فأجبتها أنا لا أمتلك العائلة التي تنعمون بها , فردت و قالت لي هيا معي لتجلس مع عائلتي و أيضا لتأكل شيء معنا , لم أستطع قول لا , فذهبت و جلست مع عائلتها و عيناي لا تفارق عيناها التي عشقتها بنظرة واحدة , سألتني سيدة في منتضف العمر و كان يتضح أنها أم الفتاة ما بك يا بني لما أنت وحيد و سؤالها كان يتضمن الإستغراب كأن هذا الأمر غير موجود كأن الوحدانية شيء لا يعرفونه , لم أجد ردا مناسبا و فضلت الصمت , وقلت لهما يجب أن أقوم لأذهب و حقا هذا ما قمت به , و في طريقي أسمع شيء كانه خطوات مشي سريعة تقوم بتتبعي , و فجأة يد تمسكني و أحسست بنعامة هذه اليد , إنها الفتاة التي أتت إلي سابقا , إنبهرت في وجهها , لم أستطع قول شيء , لكنها قالت إني أحببتك يا أيها الوحداني "غريب" , لم أستطع قول شيء نظرت إلى الأرض النقية و راودني شعور الحب , و مباشرتا أتاني إستغراب لها و سؤال كان من اللازم أن أسأله إياها : كيف أحببتيني و لما أحببتيني و أنت لا تعلمين شيء عني أو بمعنى أخر إني لا أمتلك المال و لا أمتلك القصور لما أحببتيني , أجابت بشكل مضحك و إبتسامتها تدخل القلب بشكل غريب وسريع , الحب لا يتوقف عن ما تملك أو ما لديك أنا أحببتك أنت كما أحببتني أنا و هذا واضح بعينك و السعادة لا تعني المال بل تعني العيش بشكل يملأه الحب و تبادله , لم استطع قول شيء لقد إنتصرت في أول رد , مسكت في يدها و سعادتي لا توصف و مع الوقت أصبح لدي إبن صغير و منزل في وسط الطبيعة , و كانت زوجتي في كل صباح تذهب إلى بقرتنا لتأتي بحليبها لنا و تقوم بتحظير فطور مليء بالصفاء و النقاء , إنه بسيط لكنه حقا يعتبر شيئا مميزا و أراه فطارا ملكيا , أحس بالسعادة فأنا أمتلك السعادة و أعيش بسعادة و أخيرا إبني ينطق كلمة أبي " بابا " يا إلاهي صدمت لهذه الكلمة لم أصدق سمعي نعم إني أب ... سعادتي لا توصف الأن إنه عالم رائع مليء بالتأخي و المساعدة , الكل هنا لا يكذب و كل شخص هنا في هذا العالم لا ينافق أحد , لا توجد سرقة حتى أني أترك بعض متاعي في الخارج و أستيقظ في الصباح و أجده كما كان لم ينقص و لم يمس أبدا إبني يكبر بدون مشاكل و لا توجد الأمراض الخطيرة أو الأوبئة , لم أسمع هنا عن شيء إسمه حرب , إنه عالم لا يوجد فيه كلمة قتل و قواعده مليئة بالأمن و السلام و الحب و التعايش .

" أتمنى أن لا يسوء عالمي هذا و أريده أن يكون دائما هكذا و ليس كما كان عليه قبل أن أستيقظ "

بقلم : وائل استيتو