فراغ الغياب

أعتقد فى هذا الزمان لم يعد الأمر صعبا جداا، فيمكنك الحديث معه كل ليلة على برنامج زووم وجه لوجه، أو فيديو كوول، أو ماسنجر. هذا على الاقل يقلل من حدة الأمر والشعور المزعج.

هذا الشعور يعيشه معظم الناس في كل دول العالم، إذ لا بد أن تجدِ عند كل قلب شخص شخصاً يفتقده، استطيع أن أقول أنّ أكثر من جرّب هذا الشعور القاطنين في سوريا، بسبب الهجرات أو الفراق العنيف بقتل أو ما شابه.

تعاملت مع الموضوع عدّة مرّات ويبدو أنني قد صرت أكثر تقبلاً وتعايشاً مع هذا الأمر، لكن بأدوات، أهمها:

• بالتأمّل:

بحالتي أنا الشخصيّة كانت الصلاة، التأمّل مدّ روحي بالكثير من الدعم، وهذا الدعم لا يُمكن أن يوصف، يبدو أنّ القلب الحيّ أكثر قوّة من غيره، قادر على احتمال وتحمّل مالا يُعقل.

• بالكتابة:

أعيش من الكتابة، وهنا كلمة أعيش لا أقصد بها فقط الجانب المادي الذي هو موجود بالضرورة لكن أقصد بهذه الكلمة أيضاً، أفرّغ أحمالي النفسيّة وما أشعر به بهذه الممارسة التي يصعب على شخص بعيد عنها تصوّر مدى فعاليّتها في حل أزمات حقيقية للفرد، للإنسان.

• بالتحدّث:

أعجب كثيراً من كثير من المُتألّمين بأنّهم أحياناً يعانون آلام فراق وغياب دون الحديث مع الشخص الغائب (في حال كان الفراق سببه مشكلة) يبدو أنّ الكبرياء يعلو أحياناً على الآلام وبرأيي هذا شيء خطأ، لكن ماذا نفعل حين يكون الغائب ميتاً؟ أو بعيد لسبب أقوى من أي ظرف؟ التحدّث عن ذلك للأصدقاء المُقرّبين الثقة أو لطبيبك النفسي قد يهوّن عليك الأمر

• الرضا:

الرضا قرار، هناك من يرضى بوجبة رخيصة الثمن وهناك من لا يرضى بملايين مملينة، الأمر ذاته ينطبق على أيّ غياب، يجب علينا أن نرضى أن للكون حركة قد لا توافق توجهاتنا وآمالنا.

لا يغيب من نحب عن قلوبنا فالروح متصلة والذكريات حاضرة، ووسائل التواصل جاهزة لتقريب المسافات إلى حين اللقاء.