المسوّدة الأخيرة للرسالة الأخيرة:

إليكِ أنتِ، إلى التي مِتُ فيها ولأجلها وأمامها،

للتي وضعتُ للقائهَا نذورًا كثيرة،

ولتراجُعها عن الغياب صلّيت،

للتي لم أستطع أن أكونَ أمامها أكثر من عُصفورٍ مُغطّسٍ بالماء و يطلب الدفئ،

كنتُ أرتعشُ وأرتجف،

وكانت كلمة الطمأنينة منك هي جُلّ المُراد

للتي كُتب كل شعر الغزَل في حاجبيها

في شعرهَا

في إستقامةِ أنفهَا

للتي أراها رائعةً حتى وهي بالأسودِ والأبيض،

حتى وهي مليئةٌ بالرمادي واللالون

للتي دفعتُ عُمرًا أحاول جعلهَا ذكرى جميلة،

ودفعتُ كل ما أمتلك لأجل ليلةٍ واحدةٍ مليئةٍ بالحُب ولم أحظى بها أيضًا

للتي علّمتني الكتابةَ والقراءة وأخرجتني من الظلامِ إلى شيءٍ أسود أكثر ولكنهُ عظيم

للتي صنعت مني رجلًا يستطيعُ التفكير بكلِ شيء بشكلٍ رائع،

يستطيعُ المرور عن كل الأيام السيّئة ولكنّهَا نسيَت كيف تُعلمه المرور عنهَا،

أو كيف لهُ أن ينسى رائحةً لم يستطع شمّها،

أو كيف يتظاهرُ بالقوة وهو مليئٌ بالهشاشة

إلى التي أفنتني، إلى التي أخذَ فِراقُها من عَافيَتي

إلى التي أحببتُها كما لم يُحب رجلٌ وأنا على أتمّ الثقةِ بهذا،

وللتي لن أستطيعَ أن أقف أمامها قائلًا كل هذه العبارات فَأنا أكتبها برسالة أخيرة لن أسمح لكِ بالردّ عليها،

رسالةٌ أخيرة تأتي من بعد مرور أيّام طَويلة من الغياب الذي لا سؤال فيه ولا رؤوس تطلّ ولا إشارات بالعودة كأنكِ اختفيتِ ولكنكِ لم تفعل،

أُرسل رسالتي الأخيرة لكِ لأن هذا أقصى ما يُمكنني فعله و هذا أقصى ما بين يديّ من حلول تجعلني أشعر بالعزاء بعد الذي حصل

للتي أموتُ لأجلهَا، وفيهَا، وعليهَا، أنا رحلت.