ها قد حصلت على لقب – مدرب معتمد أو محترف – وأنت الآن في أول الطريق لدخول احتراف عالم التدريب، لعلك تفكر الآن ماهي الدورة التي سأقدمها وكيف أقوم بتصميمها وغيرها الكثير من الأسئلة ، إذا هذا هو المقال الذي ستحتاج لقرائته.
في البداية يجب أن نتفق على أمر محدد ، وهو أن هذا المقال موجه للمدربين الأفراد حديثي التخرج أو من لم يسبق لهم بناء دورة تدريبية والذين سيقدمون دوراتهم لمتدربين أفراد.
هل هناك أختلاف في ذلك بين المتدرب الفرد والمتدرب موظف الشركة أو القطاع الحكومي أو مؤسسة العمل الخيري ؟ نعم هناك فروق قد لا يظهر جليا للمدرب المبتدئ لكنه سينجلي للممارس من خلال الممارسة مع مختف الشرائح وهذه مرحلة ستكون متقدمة قليلا ، لذا نركز الضوء على المدرب الفرد والذي سيدرب متدربين أفراد.
أول سؤال يتبادر إلى الأذهان هو ، ماهو موضوع الدورة التدريبية التي سأقوم ببنائها ؟ وهنا أنصح للمبتدئين بأحد اختيارين:
(1) أما أن يكون الموضوع عاماً يهم أكبر شريحة ممكنة من المستفيدين مثال (إدارة الأولويات ـ فن التواصل ـ القيادة ) (2) أو أن يكون الموضوع هو في الأساس مجال اختصاصك قبل دخولك لعالم التدريب ( كالمبيعات أو التسويق أو خدمة العملاء )
الآن بعد تحديدكم للموضوع الذي ستقومون بتصميمه على شكل دورة تدريبية، عليكم الإجابة على الأسئلة القادمة بعمق ورويه وتأني: من سيتدرب في هذا الموضوع ؟ كن دقيقاً محدداً واضحاً مثال سيحضر هذه الدورة كافة المبتدئين الذين لا يعرفون شيئاُ عن المبيعات ، أو سيحضر لدي كافة العاملين في مجال المبيعات ويحتاجون إلى بعض التمرس ، أو سيحضر لدي كافة محترفين المبيعات الذين يرغبون في امتلاك مهارة التفاوض والإقناع لدى البيع.
الآن أصبح لدينا جزئين وهو الموضوع والشريحة المستفيدة من هذا الموضوع بقي لدينا عدد من الأسئلة الأخرى والتي تترتب عليها استكمال بناء الدورة التدريبية - ملاحظة نحن لا نزال في حيز التخطيط حتى هذه المرحلة – تلك الأسئلة هي: متى سأدرب ؟ وهذا من أهم الأسئلة التي يجب التفكير بها ملياً ، فحتى تقدم عدد أربعة ساعات تدريبية ، فأنت بحاجة لساعات عمل لتصميم وبناء هذه الساعات التدريبية الأربعة والتي عادة ستقضيها ما بين قراءة وبحث وتجربة حتى تتمكن من بناء الدورة بناءً محكماً ، السر هنا كلما قضيتم وقتاً أطولاً في البناء كلما كانت الدورة أكثر جودة من حيث المضمون.
كيف سأدرب ؟ وهذا السؤال ستتم الإجابة عليه بعد الإجابة على الأسئلة السابقة من سيحضر متى سيكون لماذا سيحضرون ومتى سيحضرون ، والكيفية التي سيتم بها التدريب هي التقنيات المستخدمة للتدريب والأساليب التدريبية والتي منها :-
المحاضرة دراسة الحالة تمثيل الأدوار اللعب المناقشة الجماعية حل المشكلات مشاهدة الأفلام العصف الذهني المناظرة الزيارة الميدانية المباريات اللوحات المعلقة عرض الشفافيات التمثيل هناك أكثر من 30 أسلوب تدريب كانت تلك بعضاً منها والتي ستختار منها للتدريب.
أول عمل ، وهو أصعب عمل تقوم به في بنائك للدورة التدريبية ، رصد الأهداف التعليمية ، وهنا لدينا أهدافاً عامة وأهدافاً تفصيلية.
إحرص لأن تضع أولا الهدف التدريبي العام والذي ستسعى من خلال التدريب لإيصال المتدربين إليه من خلال دورتك التدريبية ، وتذكر أمرا في غاية أهمية :- التدريس هو فن إيصال المعلومة بينما التدريب هو فن تطبيق المعلومة
لذا يجب عليك عزيزي المدرب أن لا تغفل في رصدك للأهداف التعليمية العامة والخاصة على أن تكون على أساس تطبيق المعلومة وليس إيصال المعلومة وتذكر جيدا ما تعلمته في إعداد مدرب – أن التدريب هي تلك العملية التي يتم من خلالها نـقـل إما معلومة أو مهارة أو تغيير إتجاه سلوكي أو فكري لدى المتدرب ، فلتراعي ذلك في بنائك لدورتك التدريبية أي أنها تبنى على أساس أنها ستنقل تلك المعارف والمهارات والإتجاهات للمتدرب ولا تلقن له تلقين كما في التدريس.
وهنا أرجوا أن تتصور هذه الصورة أو ذلك المشهد حتى ترصد هدفا تعليمياً واضحاً محدداً قابلاً للتطبيق قابلاً للقياس والملاحظة أسال نفسك هذا السؤال :- ما الذي ترغب في مشاهدته أمامك من سلوكيات تظهر التعلم والتدرب لدى المتدربين أعطي على ذلك مثالاً :- أرغب في أن أشاهد المتدربين يقومون بمحاكاة موظف محترف لخدمة العملاء يقدم خدمة عملاء لعميل غاضب ، على أن يكون أداء المتدرب يتوافق مع معايير الاحتراف التي تدرب عليها ( صورة ذهنية )
أما الهدف التفصيلي يكون مثل هذه العبارة :- أن يستوعب المتدرب مشكلة العميل ، ويقوم بتحديدها بزمن قدره دقيقتان ، ويقدم حلولا قابله للتطبيق مع مراعاة المحافظة على الهدوء والاحتراف أثناء أداء الخدمة.
هل لاحظتم كيف أن الهدف أعلاه يتصف بما يلي :- (1) محدد. (2) دقيق. (3) قابل للتطبيق. (4) قابل للملاحظة. (5) قابل للقياس. لماذا يجب كتابة أهداف تعليمية عامة ومفصلة ، حتى تتمكن من تحديد مسار التعلم أولا من أين تبدأ وأين ستنتهي ولتتمكن أيضا من قياس التعلم هل حصل أم لم يحصل وقت التدريب، تذكر أن الأهداف التعليمية أو التدريبية ، قد يطرأ عليها تغييرا أثناء بنائك للدورة التدريبية لكنه سيكون تغييرا طفيفا وليس بالتغيير الجذري.
لا نزال حتى هذه الخطوة في حيز التخطيط حتى الآن.
قم بكتابة الهدف العام أمامك وأجعله على مرأى من عينيك طوال وقت بنائك للدورة التدريبية حتى لا تغيب عن الهدف العام والأهداف التفصيلية والتي من الممكن أن يطرأ عليها تعديلا في المستقبل.
ستنتقل بعد هذه الخطوة إلى العمل الفعلي ، وهنا ستحتاج لأن توظف أو تصقل مهارة التأليف لديك ، فأنت بحاجة لأن تضع تدرجا للمواضيع التي ستقوم بعرضها في دورتك،اقترح استخدام قانون تأليف كتب (معرفة الكيفية = Know how) والمشهور بإسم قانون 3 X 5 هذا القانون سهل للغاية وهو كما يلي :-
لكل كتاب أبواب وفصول وموضوعات إجعلها ثلاثة أبواب داخل كل باب منها ما لا يقل عن ثلاثة فصول ولا يزيد عن خمسة فصول داخل كل فصل منها ما لا يقل عن ثلاثة موضوعات ولا يزيد عن خمسة موضوعات. داخل كل موضوع ما لا يقل عن ثلاث فقرات ولا يزيد عن خمسة فقرات. تلاحظون كيف تسلسلت التجزئة وفق الأعداد الفردية. لمن لم يستوعب هذا القانون يمكنكم الرجوع إلى أي من كتب د.طارق السويدان المتعقلة بالتدريب وستشاهدون تطبيقا لهذا القانون في فهرس كتبه مرة أخرى لتكن أهدافك التدريبية والتي ستسعى لجعل المتدربين يصلوا إليها من خلال دورتك ظاهرة أمامك حتى وأنت تألف موضوعات الدورة التدريبية ، في كتابة الكتب هناك أبواب ثم فصول ، أما في كتابة المادة التدريبية بالنسبة للدورات فلدينا الوحدات ، ثم الفصول سيكون هناك الوحدة الأولى ، والثانية ، والثالثة وهكذا دواليك داخل كل وحدة سيكون هناك موضوعات الموضوع الأول والثاني والثالث ، داخل كل موضوع سيكون هناك فقرات الأولى والثانية والثالثة وهكذا دواليك.
في التأليف يجب مراعاة هذه القوانين :- 1- التسلسل المنطقي الذي ينتهي بتحقيق الهدف العام. 2- أن تبدأ بالمعلوم حتى تصل بهم إلى المجهول.
3- الإنتقال من العام إلى الخاص.
بعد كتابتك لفهرس الموضوعات التدريبية ، ستنتقل إلى مطابقة موضوعاتك بما هو مكتوب مسبقا في المراجع العلمية ، لذا إحرص على أن تشتري أوتستعير الكتب اللازمة أنصح بأن لا يقل العدد عن 50 كتاب ولا يزيد عن 70 كتاب ، في قرائتكم لهذه الكتب ستتعلمون من أول خمسة كتب معلومات جديدة عليكم تماما ثم بعد ذلك ستلاحظون أن البقية تتشابه في معلوماتها – هل مطلوب منكم قراءة كافة المراجع من الغلاف إلى الغلاف ؟ لا
حدد من تلك المراجع ماهي الموضوعات التي توافق ما قمت بتأليفه مسبقا وضع عليه علامه ورق ملون لاصق حتى ترجع إليه فيما بعد.
إبدا قراءة الموضوعات من المراجع متجاهلاً ترتيبها الذي كتبت فيه متبعا فيها فهرستك المسبقة للتأليف.
ستتشكل لديك رؤية أكثر وضوح تمكنك من كتابة مادتك التدريبية ، وتذكر أنك هنا في هذه المرحلة تسير باتجاه معاكس وهو :-
تكتب الفهرس
ثم تكتب الفقرات
تم تكتب الموضوعات
ثم تكتب الوحدات
وهنا سينجلي أمامك تحدي آخر وهو كتابة المادة التدريبي بحيث تكون كتابة فعالة موضوعية منهجية تقود نحو هدف.
وهنا أنصح بأن تتخذ لك نموذجا من قادة التدريب أو المدرب الذي قام بتدريبك في دورة إعداد مدرب ، كمرشدا وموجها لك حيث سيفيدك رأيه كونه خبير تدريب سيرشدك في حال أخطأت الطريق كما وسيوجهك أيضا لما يغيب عنك حينما تكون منهمكاً في التأليف والكتابة ححيث سيلعب دورا محوريا في ملاحظة ما إذا كنت تسير نحو الهدف الصحيح أو أنك بدأت تخرج عن الطريق المرسوم لك.
في كتابة الفقرات التدريبية يجب مراعاة أن تكون الكتابة فعالة واضحة محددة دقيقة سليمة من العيوب اللغوية والأخطاء الإملائية احترافية من حيث الاقتباس مع ضرورة إرجاع المعلومات لمصادرها بذكر المراجع أو تصنيف قائمة بالمراجع.
تذكر أثناء كتابتك للمادة التدريبية أن تقوم بتجزئة الفقرة إلى أكبر قدر ممكن مع التحديد مسبقا لما سيقال – كمحاضرة ، وما الذي سيكتب – كمذكرة المتدرب ، وما الذي سيعرض – كوسيلة إيضاح بصرية Powerpoint
ولا تنسى أن تدرج تقييمك لتعلم المتدربين ، ما هي أدوات قياسك لحصول التعلم معهم ، بما آخر كيف تعرف أنهم قد تدربوا على هذه المعلومة أو تلك المهارة أو أنهم قاموا بتغيير ذلك الإتجاه الفكري السلوكي لديهم !