وثائقيات (13): كيف يمكن إصلاح نفسية وشخصية طفل حُكم على أحد والديه بالإعدام؟


التعليقات

في بعض الأحيان لا غنى عن هكذا أحكام رادعة لبعض المجرمين فالمشكلة ليست هنا ، المشكلة في المجتمع الذي قد يحكم على الطفل من أعمال والديه و هو الشئ الذي لا يستطيع إنسان على وجه الأرض أن يكن له الخيار فيه . المجتمع يجب أن يقوم بنشر الوعي بين أفراده من أجل التعامل مع هؤلاء الأطفال بمنأى عن أفعال والدهم و هذا الأمر يقع على عاتق أفراد المجتمع من تفهم لهذا الموضوع . و أيضا وسائل الإعلام مدانة في نشر تفاصيل هكذا عقوبات و يمكن أن تكتفي بنشر العقوبة دون ذكر الأسماء أو التفاصيل حيث يمكن أن تقع هكذا أشياء بين يدي الطفل سواء كان في صغره أو كبره مما قد يسبب له عقدة نفسية صعبة التخلص منها و هذا الأمر يمكن حله عند الطفل بالنسيان و عدم تذكيره بالماضي حيث أن له كيان و حياة خاصة فيه لا يجب أن تؤثر عليه أفعال والديه

لا أدري ما المشكلة من عرض الحالات باسمائها الحقيقية أو بوشوشهم، هذا لن يؤثر على أطفالهم بالسلب أو بالإيجاب، لأنني أعتقد أن غالبًا ما يعرف أن هذا ابن القاتل الفلاني الذي قام بكذا وكذا، إلا إذا قام ولي الطفل بنقله في منطقة بعيدة للبحث عن حياة جديدة.

لا أقول أن هذا لن يؤثر مطلقًا على الطفل، ممكن أصلًا أن يكون تأثر بشكل سلبي لمجرد أن أباه ليس معه أو أمه، وأعتقد أن هذا أيضًا يمكن حله عن طريق تعويض الدور المفقود ليس إلا.

في دولتي يمارس حكم الاعدام على الأقل أتحدث عن مدينتي، لا أرغب في أن أبدي اتفاقي أو عدم اتفاقي مع اصدار حكم الاعدام بحق القاتل، فلا ارتأي أن أناقش في مثل هذا الأمر، كما أنه مجرد سماعي لحكم الاعدام، أشعر بالرهبة والخوف منه.

عمومًا أطفال القاتل ضحية يعانون أشد المعاناة، مثلهم مثل أبناء المقتول أو الضحية، وربما أكثر.

للأسف كمجتمعات عربية نحن لم نضع خطط لتأهيل هؤلاء الأطفال، بل أرى أن المجتمع يحكم عليهم بالاعدام البطيء، سيكبروا ولكن القلق سينتابهم ازاء الحياة وإزاء تعامل المجتمع معهم، كونهم أصبحوا منبوذين من جميع أفراد المجتمع.

بالرغم من أن بعض العائلات قد تبرأت من القاتل حتى لا يحمل طفل القاتل على عاتقه دم أبيه إلا أن هذا لم يشفع لهم في أن يؤسسوا حياتهم سواء كان في حاضرهم أو في مستقبلهم.

وعلى الرغم مما تقوله الأمم المتحدة في اتفاقيتها بأنه يجب عدم نشر أي معلومة عن الأطفال والأسر المتضررة من إعدام أحد الوالدين، إلا أنني أرى هذا حبرًا على الورق، وحتى لو تم تطبيقه، للأسف أي خبر مثل هذه الأخبار تنتشر بشكل كبير في ظل التكتولوجيا الرقمية، على الأقل عائلة المجني عليها تنشر بيانًا عبر وسائل التواصل بأنها تطالب بأن يأخذ القانون مجراه، وهذا ما سمعته وقرأته عندما قامت عائلة الضحية بالتشهير بعائلة القاتل والتحدث عن كل فرد من عائلته.

ربما لو اخبرتكِ ببعض الطرق لتأهيل هؤلاء الأطفال، قد أشعر بأنني أكتب لكِ مجرد شعارات، فالواقع مختلفًا عما تقرأه هنا وهناك.

الطفل دائما هو المظلوم في أي وضع سلبي يقوم به أحد والديه، فهو يلام وكأنه هو الفاعل، ويعاني من تضييق الخناق عليه من باقي أفراد العائلة، مخافة أن يصبح مجرم مثل أهله.

والواضح أن الطفل يتعرض لأكثر من مصيبة على رأسه في وقت واحد..

أولى هذه المصائب أنه فقد البيت الأسري، حيث وجود كل الأفراد ووجود السعادة والهناء.

فبعد أن يقوم أحد الوالدين بعمل جريمة ما، يتشتت هذا الجمع، وربما تطلق والدته، فيحرم منها، ويسجن والده فيحرم منه، ثم يجلس في منزل أحد العائلة مثل الجد أو العم، مهان الكرامة بفعل لم يفعله!

ثاني مصيبة تقع على رأسه وهي أنه فقد المعيل للأسرة، وأصبح عالة على بيت جديد.. وهذا سيحرمه من أن يطلب الكثير مما تشتهيه نفسه، بسبب أنه يعيش في بيت غريب عنه، مع أشخاص جدد.

ثالث مصيبة التنمر الذي يقع عليه سواء من الأقارب، أو من أصدقاء المدرسة، أو من المعلمين، أو من بيئة المكان الذي يقطن به.. سوف يظل يعاني من اللمز والهمز والكلام عنه هنا وهناك.. ولن يستطيع إلا الصراخ أو البكاء.. وهنا يمكن أن يصبح حقودا على المجتمع كونه لم يفعل شيء.

رابعا المصيبة هي أن يحرم من والدته ويمنع من رؤيتها إذا كان والده فاعل الجريمة، وربما يحرم من بيت جده، وغيره، بسبب عقول الناس المتجحرة.

المهم أن المصائب كثيرة، ولن يستطيع حملها وحده.. ومع هذا المجتمع لا يرحم، ولا يؤهله لتحمل هذه المسؤولية.

وللأسف لا يوجد في الحقيقة اهتمام بأبناء المسجونين أو المحكومين بإعدام.. وربما فقط ما يتم فعله هو إرسال معونات غذائية أو مادية فقط.

أما تأهيل نفسي فهذا غير موجود.. وإن كان موجود فسيكون بشكل مهمل.

أرى أن الفرق ليس كبيراً بين معاملة المجتمع لطفل والده محكوم عليه بالمؤبد و طفل والده محكوم عليه بالإعدام، فالمجتمع يعامل الطفلين معاملة في منتهى القسوة و هذا ليس غريباً مجتمع يعاني من تفكك الأسر و الجريمة و الفقر، فماذا ننتظر منه؟

و أرى أنه صعب منع عقوبة الإعدام، ففي الجرائم الجسيمة تترسخ لدينا جميعاً فكرة أين دم أبنائنا؟

قد يصل الأمر أن يصبح الطفل مجرماً و حاقداً من قسوة المجتمع، و لكن ليس هذا الطفل فحسب فالطفل الذي قضى طفولته في مكان لا يتوافر فيه الصرف الصحي و الطفل الذي جلس على مقعد في مدرسته يعود تاريخه إلى سعد باشا زغلول، أ ننتظر منه أن يجعل المجتمع جنة؟

فلنبدأ بحل لو مشكلة واحدة في المجتمع حتى لا نستيقظ نجد أن هؤلاء الأطفال صاروا قنبلة موقوتة لدمار الأمة.


الأفلام الوثائقية

كل ماله علاقة بعالم الوثائقيات ، في كافة المجالات .. وأيضاً صناعة الأفلام الوثائقية..

62.1 ألف متابع