في العادة ، أجد صعـوبة في ( الإندهاش ) المبالغ فيه تجاه الأمور غير المألوفة .. لسبب ما أصبح كل شيء غريب في هذا العصــر مألوفاً ، وقابل للتصديق ..

ولكن ، لفتـرة طويلة جداً ، كلمـا تابعت هذا الرجل تحديداً شعرت بإندهاش حقيقي .. والسؤال الذي يطـرح نفسه دائماً : كيــف فعــلها ؟

شون ردمــوند .. أيرلندي قحّ ، ملامحه أيرلندية كاملة .. قادم من البيئة الأيرلنديّـة المليئة بالخضـرة في كل مكان ، والتي يوصف كل شيء جميل فيها بأنه ( Grand ) ، وحيث اسم ( فلاهرتي ) منتشر في كل زاوية ، واللهجـة الغريبة السريعة في الحديث بالإنجليزية هي الاساس ، والصرامة الكاثوليكيــة في المعتقد الديني ..

ترك كل هذا ، وجاء ليتعلم العربية .. فأتقنهــا ، ليس كمـا يتحدث بها ( الخواجة ) المألوف لدينـا بتلك ( اللهجة المتكسّــرة ) المضحكة عندما يتحدثون العربية .. إنمـا اتقنها الى حد الحديث باللهجــة السعــودية كما يتحدث بها أبناءها..

هنا مثلاً ، كان الرجل يقدم برنـامجاً على قنـاة محلّية سعــودية بخصوص العادات والتقاليد السعودية .. التحويل المذهـل بين اللهجة البريطـانية المتحذلقة ، واللهجة السعــودية البسيطة .. لا شك أنه مازال يشعرني بالدهشة حتى الآن :

وهنـا الجزء الأول من حلقتــه في برنامج إضاءات ، مع الاعلامي السعودي تركي الدخيل ، يستعرض تجربته باللهجة السعــودية :

أفهم أن يتحدث اجانب من كل ثقافات الارض باللغة العربية .. سواءً لدواعي دينية ( تعلم الاسلام ) او حتى لدواعي اجتماعية ثقافية ( العمل في سفاراتهم بالدول العربية ، إلخ ) .. لكن فكــرة الإتقان المذهلة تلك ، التي تصيبك بالإرتباك ، وتجعلك تفكـر تلقائياً أن للرجل اصولاً عربية ما .. او انه من مواليد السعودية .. او أنك هنـاك خدعة ما .. ؟

ما خرجت منه بعد متابعتي لهذا الرجل ، أن تعلم اللغــات أمــر عام يقدر كل البشر عليه بمستويات مختلفة .. ولكن إتقان اللغــات لدرجة القدرة على التحدث بلهجــات أهلها بهذه المهارة والإبداع ، هو حتماً امر يستدعي موهبــة ما مصقولة بالصبــر والذكـاء في التعلم ..

وهو نفسه ذكـر هذا في حواره على أية حال ..