لنفترض أن هناك إنسان فاقد البصر، ويعيش حياة سعيدة جدا ويرفض تماما أصلاح بصره، هنا كيف تقنعه بقبول إصلاح بصره؟
كيف تقنع أعمى بأن العالم أفضل بعودة البصر؟
السلام عليكم أخي, يسرني كأعمى وأعيش حياة سعيدة إلى حد كبير الإجابة عن تساؤلك. أولا, لا بد أن الجميع متفقون معي هنا على أننا لا نستطيع وضع تصور واحد للسعادة يتلاءم مع كل الناس سواء على الصعيد الفكري والفلسفي أو على الصعيد العملي والواقعي حتى لو احتوى هذا التصور على أمور بديهية عند أغلب الناس كموضوع البصر الذي نتحدث عنه هنا مثلا. أقصد أنني لو سألت أحد المبصرين هنا عن شعوره لو فقد حاسة البصر فالإجابة البديهية والشعور الطبيعي هو أنه سيجيب بأنه سيكون تعيسًا وستصبح الدنيا ظلمة في نظره وسيستوي عنده الصباح والمساء. ولكن هذه الحالة الشعورية عندكم لا تمثل إطلاقًا ما يحياه الأعمى أو الأكمه الذي عاش حياته ودرس واعتمد على نفسه وعمل وتزوج وما إلى ذلك. ولهذا, أنا أختلف مع اجتهاد بعض المبصرين الذين يقيمون فعاليات تنطوي على فكرة أن يعصبوا أعين الناس ظانين بذلك أنهم بذلك يعرفونهم بحياة الأعمى. إذن, فمحاولة إقناع الأعمى بأن حياته ستكون أفضل بإعادة البصر -هي برأيي- لا تقدم ولا تأخر بشيء إذا أراد هو أن يكمل حياته على هذا النحو. وشخصيًا أرى أن هذا مما تقتضيه العدالة الإلهية وهو رد على كثير ممن يشككون بعدالته عز وجل بقولهم: "لماذا خلق الله كذا وكذا على هذه الهيئة وقد قال أنه خلق الإنسان في أحسن تقويم", حيث أن هذه السطحية توحي لك بأن من يقول هذا لم يرَ الصورة الكاملة للحياة التي يحياها هذا الإنسان ونعمة التصالح مع الذات التي وهبها الله للإنسان ليحيا حياة سعيدة بالكيفية التي تناسبه وأن هذا الشخص -أي المشكك- وأمثاله هم الذين يرفضون تقبل الأعمى وغيره من الحالات بصفتهم جزء من المجتمع وتهيئة الظروف لهم ليحيوا حياة كريمة. أرى أنه من الأفضل أن يتقبل بعضنا بعضًا على ما نحن عليه بدلا من إقناع بعضنا أن الحياة ستكون أفضل بالشكل الفلاني أو العلاني. نقطة أخيرة أود التنويه إليها وهي أن أسباب تعاستنا نحن العميان تندرج في معظمها في العقبات التي يضعها المجتمع في وجوهنا كرفض مدير المصرف إعطائي بطاقة صراف آلي بدعوى أنني فاقد الأهلية أو رفض صاحب العمل تقبلي في العمل بدعوى عدم قدرتي عليه. ورفضنا في الزواج وفي العلاقات الاجتماعية وحتى المعاملات الاجتماعية في المناسبات وغيرها. ينبغي لنا أن نفهم بعضنا فهمًا أعمق وأن يكون لدينا شيء من المرونة في التعامل فيما بيننا بعيدًا عن الحوارات الفلسفية والمثالية وتصنيف بعضنا إلى لائق وغير لائق وأن ندع الشخص هو الذي يقرر كيف يكون سعيدًا وليس من حوله. هناك سلسلة عاملني صح التي أعدها الأخ محمد حسن على قناته على اليوتيوب والتي يُعَرِف بها الناس بكيفية التعامل مع الأعمى يمكنكم البحث عنها على يوتيوب. أرى أن هذا سيكون أنفع لنا ولكم بدلا من الحوارات المثالية والفلسفية التي لا طائل من ورائها. عذرًا على الاستطراد والإطالة.
هناك تقنية على الحواسيب تسمى تحويل النص إلى الكلام Text to speech على كافة الأجهزة من حواسيب وهواتف وأجهزة لوحية تقرأ ما يظهر على الشاشة بأصوات بشرية معينة وعن طريقها يمكنني قراءة المنشورات وتصفح المواقع والكتب الرقمية وكتابة وترجمة المقالات. أما عن الكتابة على لوحة المفاتيح بالتحديد, فمع الممارسة أحفظ أماكن الأزرار فأكتبَ على لوحة المفاتيح دون عناء.
لمَ نقنعه بذلك؟
تذكرت احد فصول كتاب انثروبولوجي على المريخ، اظن ان اسمه (ان تنظر ولا ترى)، بعد قراءته تغيرت نظرتي عن البصر والحواس بشكل عام ..
ترجمه عبدالرزاق بلهاشمي و يونس بن عمارة @يونس بن عمارة
القصص التي ذكرت في الكتاب تبدو خيالية ولكنها حقيقية.. والفصل الذي ذكرته كان عن شخص فقد بصره وهو صغير، ونسى حتى كيف نبصر، بالرغم من أنه يملك المعجم اللفظي للاشياء ولكنه لا يعرف كيف يبصر، وذلك تجلى عندما استرد بصره ولكن ظل يتصرف كأنه اعمى، اعطيك مثال من احد المواقف التي اتذكرها في قصة هذا الرجل.... مثلًا عندما يرى كلبًا، وثم استدار الكلب لاحدى الجهات، فإن الرجل يستغرب لم يظل الكلب نفسه؟ لقد تغير شكله، وهو يعتقد انه كلب مختلف... وقد ناقشوا كيف نتعلم الابصار حسب ما اذكر، و ان الابعاد (الزمان، المكان) تختلف بين المبصر وغير المبصر.... هذه فقط امثلة ومعلومات احببت ذكرها، قد لا يرى البعض فيها اي شيء مثير، ولكنني اجد ان الكتاب الافضل من بين كل ما قرأت واظن -سأقرأ-
الموضوع يقسم لحالتين:
الأولى: في حالة فقدانه البصر بعد أن كان مبصراً، وهنا غالباً لن يفرط أحد بخيار رجوع بصره.. إما اذا أبى وفضلّ أن يبقى ضريراً فلا حاجةل ي لإقناعه لأن جرب الحالتين وفضل الحالة الثانية.
الثانية: اذا كان فاقداً للبصر منذ ولادته سأنبهه على أنه فاقد لنعمة قد يجد أنها من أفضل النعم لو جربها وطريقة تنبيه له بأني سأجعله يتخيل حاله لو فقد أحد النعم التي بين يديه، سأجعله مثلاً يتخيل لو أنه لم يعد قادراً على السمع وأزعم أن وقعها أكثر على نفسه لأن السمع أحد حواس إستقبال المعلموات المهمة والمضاعفة لدى الضرير فهي سبيله لفهم العالم وسبيله ليتلقى الكثير من خارجه فكيف لو فقد هذه النعمة؟ عكس البصير لن يشكل فقدانها أثراً بليغاً كأثرها على الضرير.
التعليقات