هل تعرف قصة الفيلسوف الذي عاش في عصر الإسكندر المقدوني، واتخد برميل بيتًا له، وتسمى مرض نفسي باسمه؟! إنه الفيلسوف الإغريقي «Diogenes - ديوجين».

عاش الفيلسوف « ديوجين» ما بين القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد، ويُعتبر من أبرز رواد المدرسة الكلبيّة الاوائل، وعاصر الإسكندر الأكبر، واختار أن يعيش حياة غريبة ويؤمن بفلسفة خاصة.

فقد كان حكيمًا فاضلًا متقشفًا زيادة عن الحد، فلا يقتني شيئًا ولا يأوى إلى منزل. وازدرى تقاليد المجتمع، وآمن بأن الحكمة تكمن في الاستقلال عن المدنية والعودة للطبيعة والبساطة.

جعل من الفقر المدقع فضيلة، فعاش على الحدّ الأدنى من حاجته للملبس والمأكل، وكان يجوب شوارع أثينا كالمتسولين، ويقال إنه عاش في برميل كبير، وأنه مشى يحمل مصباحًا من الزيت في وضح النهار؛ ليبحث عن رجل فاضل على حد قوله.

وكان يلقب بالـ Cynic نظراً لأسلوب حياته، وهي كلمة إغريقية تعني الكلب، ومن هنا جاء اسم الاتجاه الفلسفي المعروف بالـ Cynicism أو الكلبية أو ربما التهكم كترجمة للكلمة، وهو مذهب من مذاهب الفلسفة والتفكير، يؤمن اصحابه بأن السعادة تكمن في التخلي عن كل شيء والعيش وفق الطبيعة.

ومن أشهر الحكايات التي تروى عنه، وتختصر فلسفته عن الحياة والناس، ما حدث بينه وبين الأسكندر الأكبر عندما ذهب لزيارته. فيحكى أنه بينما كان يستريح في ضوء الشمس أثناء أحد الاحتفالات أتاه الإسكندر الأكبر متحمسًا للقاء الفيلسوف الشهير، وسأله إن كان يرغب في أي شيء ليحققه له، وقال: «اطلب ماتريد وسأعطيه لك».

وهنا رد عله ديوجين: «نعم، أرجو أن تتحرك قليلًا؛ لأنك تحجب عني ضوء الشمس» فسأله الإسكندر: «ألست خائفًا؟» فرد عليه ديوجين بسؤال مقابل: «وهل أنت خير أم شر؟» فأجاب الإسكندر: «خيرًا طبعًا» فقال ديوجين: «ومن يخاف من الخير؟!» فقال الإسكندر: «لو لم أكن الإسكندر لوددت أن أكون ديوجين»!

لوحة الفنان البلجيكي كاسبر دو كراير، والتي تمثل ما حدث بين ديوجين والإسكندر:

ما فعله الفيلسوف اليوناني ديوجين الكلبي مع الإسكندر الأكبر، تم تفسيره فيما بعد على إنه اضطراب نفسي، سمي باسمه أي «Diogenes syndrome - متلازمة ديوجين»، والتي تعرف التي تعرف بـ «خرف العصب» أو «متلازمة الشيخوخة»، ترتبط بالإهمال الحاد للذات والميل للعزلة بشكل متطرّف...