أصبح أكثر الناس اليوم يحرص على الحصول على الشهادة الأكاديمية من الجامعات أو المعاهد أو الحصول على خبرة كافية للوصول لوظيفة مناسبة له في شركة أو في الحكومة .

منطقياً تعتبر الخبرة مقدمة على الشهادة فالهدف من الشهادة و الدراسة هو الوصول لخبرة كافية تمكنه من العمل في كل مكان بنفس تخصصه .

لكن الواقع مختلف تماماً , فالمجرب يعرف جيداً أن الشهادة مقدمة على الخبرة في أغلب الأحيان و ليس محصوراً هذا الأمر في المنطقة العربية بل في أغلب دول العالم .

يبدأ الأمر بهذا السيناريو , تذهب للمقابلة الوظيفة تجد طابور طويل مزدحم بالناس يطلب منك مدير التوظيف عرض السي في الخاص بك و ما تحمله من متطلبات تستحق بها الوظيفة , فإذا كنت صاحب خبرة سوف تذكر في السي في أنك محترف في مجال معين و تطلب من مدير التوظيف الذهاب للمختبر للتأكد من ذلك و هذا أمر لا يمكن أن يقبل به المدير في ظل انتظار 50 شخص خلفك ينتظرون فرصتهم .

بينما صاحب الشهادة فيكفيه أن يعرض ورقة من الجامعة الفلانية أو المعهد الفلاني كإثبات موثوقية لكفائته العلمية بإستحقاقه لهذه الوظيفة .

في نهاية الأمر يفوز صاحب الشهادة بالوظيفة , أما صاحب الخبرة فيقولون له " سوف نتصل بك قريباً ! "

إذاً لماذا يتم رفض هذا و قبول هذا ؟!

الشركات دائماً تبحث عن أصحاب الكفاءات و تحرص على استقطابهم لكنها لا تملك معيار لهؤلاء الفئة المتميزة , فتكتفي بالثقة التي منحتها بعض الجهات الموثوقة لهذا الشخص مثل الجامعات أو المعاهد المعترف بها حتى يتم توظيفه , في نفس الوقت لا يوجد معيار للخبرة فالشخص الذي يدعي أنه يملك خبرة لا يستطيع إظهار مقدار هذه الخبرة لمدير التوظيف هل هو متمكن لدرجة كبيرة أم متوسطة أم ضعيفة , لذلك يخسر صاحب الخبرة المعركة أمام صاحب الشهادة في الموثوقية .

عالم دين متمكن في العلوم الشرعية لا يسمح له بالتدريس في الجامعة لأنه لا يحمل شهادة الدكتوراه في مجاله إلا في حدود ضيقه بتقديم استثناء من مجلس الكلية لهذا العالم , و مهندس ميكانيكا متمكن لا يسمح له بالتدريس في الكليات أو المعاهد التي تدرس الميكانيكا رغم تمكنه التام في هذا المجال و خبرته العريضة بسبب عدم حمله لمؤهل أكاديمي لتدريس هذه المواد .

إذاً فالمشكلة لها علاقة بالموثوقية .

صاحب الخبرة يحصل على وظيفة بسبب شجاعة مدير تنفيذي أو شخص صاحب قرار يأمر بتوظيفه , عندما تكون الأمور مستقرة فسوف تجد صاحب الخبرة سعيد جداً و عندما تسوء الأمور تجد المدير التنفيذي يوبخ هذه الموظف و يمن عليه بأنه وظفه رغم أنه لا يحمل مؤهلات لهذه الوظيفة .

أما صاحب الشهادة فيكفيه في كل مرة يطلب وظيفة أو إثبات كفاءة بعرض ورقة حصل عليها قبل سنوات استطاع في أربع أو خمس سنوات الاجتهاد فيها حتى أصبح الجميع يكن له التقدير و الاحترام و الموثوقية .

قبل أسابيع سمعنا عن خبر يقول أن شركة جوجل و شركات تقنية قررت توظيف أصحاب الخبرة على أصحاب الشهادات و بالطبع طار بالخبر ممن لا يطيق ألم الدراسة و الشهادة , بالرغم أن هذا الخبر ذكره صحفي واحد و ليس جهات متعددة و مع ذلك فالمقال ذكر أن الشهادة أصبحت غير كافية للتوظيف في الشركات التقنية و ذكر 15 شركة و تحتاج خبرة عالية معها , و موقع جوجل في صفحة التوظيف الخاصة به يطلب مؤهلات خاصة منها الشهادات الأكاديمية و ليس الخبرة فقط .

فالاخبار الشعبوية له صدى أوسع من الاخبار ذات المسارات الصعبة .

للآسف أنا من الأشخاص الذين لا يحملون شهادات أكاديمية وأعاني من هذه النقطة في زيادة الموثوقية .

ماذا عنكم ؟ الشهادة أم الخبرة