إن كنت مثلي لديك مدونة أو موقع شخصي يعنى بالأدب والشعر وتقوم شخصيا على إدارته فلا شك أنك تفهم هذه المعاناة التي أتحدث عنها.
للظهور الجيد في محركات البحث معايير محددة تعتمد اعتماداً كلياً على الوضوح والمباشرة والتقريرية سواء في المحتوى أو في وصفه لمحركات البحث.
وهذا ما يتعارض أساساً مع البناء الشعري وطبيعة الكتابات الأدبية التي تعتمد في تميزها على الغموض النسبي والاستعارات والكنايات والتشبيهات المراوغة.
محركات البحث تطالب الأديب والشاعر كي تنشر إنتاجه الأدبي بشكل جيد أن يكتب مادته الأدبية بطريقة سطحية مباشرة تناسب درساً تعليمياً في قاعة محاضرة أو صف دراسي في مدرسة ثانوية.
ولا أدري كيف كان البحتري سينجح في تسويق قصيدته الشهيرة : أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا لو لحق على عصرنا وشروط محركات البحث المزعجة.
كيف سيقنع جوجل وإخوته أن ضحك الربيع هنا استعارة جمالية مجازية لا حقيقية، وبالتالي فلا علاقة بين القصيدة ومعلمات جوجل التي ستفهم أن الضحك هنا حقيقي وهو من فئة الكوميديا وبالتالي ستصنف قصيدة البحتري مع مسرحيات عادل إمام ومحمد هنيدي.
وحتى لو تجاهلت متطلبات الـ (SEO) وكتبت نصاً شعرياً رشيق اللغة أو مادة أدبية رمزية فإنها تتوقع منك على الأقل أن تقدم وصفاً مختصراً للنص سيدمر في النهاية عناصر قوة النص الأدبية ويحيل النص إلى تقرير صحفي بارد.
أنا في مدونتي أعاني من هذا الأمر، وأفقد مضطرا الكثير من الظهور المنافس في محركات البحث وذلك لأنني لا زلت أقف بعناد في صف الشعر والأدب ومعايير كتابته الناجحة، لا معايير السوق والإعلانات التجارية التي تمليها علينا الآلة.
فهل لديكم اقتراحات للموازنة بين هذين الأمرين المتعارضين؟
وهل في الأفق حلول أو تحديثات عند محركات البحث تنظر فيها إلى الشعر واللغة الأدبية بمعايير خاصة لا تتصادم مع طبيعة المنتج الأدبي؟
يسعدني نقاشكم.
التعليقات