في القرن السادس الهجري في دمشق، كان هناك أمير فطن جدا اسمه علي بن منقذ. وكان تحت سلطة احد الملوك. قرر الأمير أن يترك السلطة والملك لسبب ما او مشكلة بينهما، ويرحل من دمشق إلى حلب. كره الملك هذا الفعل، لذلك قرر أن يغدر بالأمير و يقتله جزاءً بما فعل. فأمر الملك الكاتب أن يكتب رسالة للأمير مفادها انه تم العفو عنك فتعال إلى دمشق. وكان كاتب الملك فطن أيضا كالأمير علي - وهذه هي عادة الملوك والامراء في توظيف كتّاب اذكياء-.

علم الكاتب أن الملك يريد الغدر بالأمير علي، الذي تربطه صداقه معه. فقام الكاتب بكتابة رسالة عادية لكنه في نهايتها كتب " إنّ شاء الله تعالى" بتشديد النُّون. استلم الأمير الرسالة وعلم أن الكاتب لن يخطئ هذا الخطأ، فجعل يفكر في مالذي يشير إليه بالتشديد؟ فتذكر قول الله تعالى " إنّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك" من الآية ٢٠، القصص. وتيقن انه يحذره من غدر الملك.

فكتب ليرد على الرسالة حتى يطمئن الكاتب انه فهم التحذير، فكتب رسالة رد عادية يثني فيها على الملك و ختمها ب " أنّا الخادم المقرّ بالانعامِ ". وفهم الكاتب ان الشدة إنما هي رد عليه وتشير إلى الآية " إنَّا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها" من الآية ٢٤، المائدة .

وظل الملك ينتظر الأمير بدون جدوى، فهو لم يتفطن لتلك الإشارات. 

ذُكرت القصة في كتاب المثل السائر في أدب الكاتب و الشاعر لابن الأثير.