أفغانستان 1984

على إثرِ واحدة من جولات قصف الطائرات السوفييتية، يُتّمت شَرْبات جولا -12 عامًا-، مات كلٌ من والدها ووالدتها. أُجبرت على ترك منزلها لتنتقل إلى مخيمات التهجير مع جدتها وإخوتها، قطعوا الطريق مشيًا مدة أسبوعين عبر الجبال وتحت الثلج وتحت تحليق الطائرات الروسية.

"عندما جئت للعيش في مخيمات اللاجئين في باكستان، كنتُ أخاف من الطائرات كثيرًا، كنتُ أعتقد بأنها ستأتي وترمي بالقنابل فوق رؤوسنا مرةً أخرى لتقتلنا"

في مخيم ناصر باغ تحديدًا التقط المصور ماكوري صورةً لها. ظهرت على غلاف مجلة عام 1985م ونالت صورتها شهرة عالمية، كانت مجهولة الهوية آنذك، لذلك سُميت بـ "الفتاة الأفغانية" أو "الموناليزا الأفغانية". فتاة عكست للعالم معاناة شعب بأسره وأصبحت رمزًا لمعاناة الأطفال، تعبر عن آلاف الأطفال الذي عانوا وما زالوا يعانون من ظلم الحرب.

"وقد فاز -ماكوري- بجوائز عديدة من خلال تصوير الأطفال الأفغان، بالإضافة للصورة الأكثر شهرة للفتاة الأفغانية"

في مطلع عام 2002

عاد ماكوري للبحث عنها، وبعد محاولات وجدها وتحدثت هي عن اللحظة التي أُلتقطت فيها الصورة ، فتأكد أنها هي فعلًا

صارت شربات أمًا لـ3 أبناء ويعمل زوجها خبازًا في المدينة بعيدًا عن منزله وعائلته الذين يسكنون الجبال، لذلك لم يكن بالقرب من ابنته -الرابعة- ذات الـ8 أشهر حينما مرضت فتم نقلها للمستشفى ثم ماتت، يعمل طوال الوقت ليرسل المال لعائلته، ويقول:"لانستطيع القراءة، لانفكر إلا بالعمل وذلك لكي نقتات عيشنا، لم نرى هذه الصورة من قبل -الصورة الشهيرة لشربات-"

تقول شربات: "أود أن أطلب من الشعب الأمريكي المساعدة في إعادة بناءِ أفغانستان، لقد دُمرت أفغانستان بالكامل، المدارس تضررت .. نحن بحاجة إلى كل المساعدات الممكنة لإعادة إعمار بلادي، أريدُ أن يذهب أولادي إلى المدرسة لكي يتلقوا التعليم المناسب، فإن كنت مثقفًا يمكنك أن تتعلم مهاراتٍ كثيرة وأن تُحسّن نوعية حياتك، لقد تخليت عن دراستي لكنني أرغب بأن يذهب أولادي إلى المدرسة"

"قالوا لنا أننا جئنا لنحارب الإرهاب، الإرهابي الحقيقي هو أنا والإرهاب الحقيقي هو هذا الإحتلال" مايك برسنر -أثناء الإحتلال الأمريكي للعراق. ولا يختلف الحال مع احتلالهم لأفغانستان.

يصور ماكوري الحياة اليومية في أماكن شهدت حربًا أو بها فقر، ليس كالمصورين الذين يعملون وسط الحروب وفي المناطق الخطرة حيث انعدام الأمان يجعل التقاط الصور أمرًا صعبًا وخطرًا، إذ تختلف لحظة التقاط الصورة من شخص يعيش حياته اليومية، إلى شخص يركض حاملًا طفله هربًا من انفجار، في الحروب اللحظات سريعة وليست ثابتة.

يصف ماكوري عمله: "إن العمل الذي أقوم به هو في الغالب تجول ومراقبة الطبيعة البشرية والنشاط البشري, العمل, اللعب وأوقات الفراغ... من الممتع التقاط صور الناس وهم يقومون بأشياء بسيطة"

يقوم المصورون بواجبهم الوظيفي والإنساني في نقل معاناة الآخرين، لكن أليس لأصحاب الصور حقًا في ذلك، خاصة إذا حققت الصورة نجاحًا كصورة شربات التي تُباع وتُعرض في المعارض. "فاز -ماكوري- بجوائز عديدة من خلال تصوير الأطفال الأفغان" لكن الصورة التي حققت له نجاحًا أكبر هي صورة شربات، أتساءل لِمَ لم يعطها حقها مع علمه عن حياتها: الفقر والأمية وما مرت به من وفاة طفلتها وو..؟