ما وراء الحدث | تحليل سياسي

في تتبعنا لتسلسل الأحداث الكبرى التي أعادت تشكيل ملامح المنطقة، نصل إلى الحدث الأخير والأكثر تعقيدًا وتشابكًا: الحرب الإسرائيلية الإيرانية.

عشية انطلاق جولة جديدة من المفاوضات النووية بين إيران والقوى الكبرى في مسقط، أطلقت إسرائيل عمليتها العسكرية الواسعة تحت اسم "الأسد الصاعد"، مستهدفة البنية التحتية النووية الإيرانية، لتدخل المنطقة في مواجهة مباشرة غير مسبوقة بين تل أبيب وطهران.

شهدت الحرب قصفًا متبادلاً طال العمقين الإيراني والإسرائيلي، وانتهت بضربة أمريكية خاطفة استهدفت منشآت نووية حساسة في إيران، قابلها رد إيراني محدود عبر استهداف قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر.

كل طرف خرج مدعيًا النصر:

إيران أعلنت أنها صمدت واحتفظت بقدراتها الاستراتيجية.

إسرائيل أكدت نجاحها في تحجيم المشروع النووي الإيراني.

أما الولايات المتحدة، فقد اعتبر رئيسها أن بلاده أثبتت مجددًا أنها القوة التي تملك قرار الحرب والسلام في الشرق الأوسط.

لكن يبقى السؤال الجوهري: من المنتصر الحقيقي؟

للوصول إلى إجابة دقيقة، لا يكفي النظر إلى نتائج الميدان فقط، بل لا بد من الغوص أعمق في بنية النظام العالمي الذي يدير هذه الصراعات.

إن قراءة متأنية لما وراء الحدث تكشف أن العالم لا يُدار بالعشوائية، بل عبر منظومة دقيقة من القوى الخفية العابرة للدول، تُحرك المشهد السياسي والعسكري كرقعة شطرنج.

تُضحّى ببيادق من أجل بقاء الملك.

تُفتعل الأزمات لتبرير التدخلات.

تُدار التحالفات وفق ما يخدم مصالح القوى الكبرى.

هكذا تحركت حماس في 7 أكتوبر.

وهكذا تم التضحية بحسن نصر الله لتصفية مشروع المقاومة.

وهكذا أُسقِط بشار الأسد حين خرج عن النص ولم يستوعب قواعد المرحلة الجديدة.

وهكذا أُجبرت إيران وإسرائيل على الدخول في مواجهة محكومة السقف والمخرجات.

وفي النهاية، يبقى العرب هم الخاسر الأكبر من مجمل هذه التحولات:

الخليج العربي أعاد التموضع تحت المظلة الأمريكية بعد أن أدرك أنه لا يمكنه الدفاع عن نفسه دون واشنطن.

إيران تخلت عن حلفائها لتحفظ بقاء نظامها وتستكمل مشروعها النووي في الخفاء.

إسرائيل عززت حضورها كقوة مركزية صاحبة القرار في الشرق الأوسط.

إن المشهد أكبر من مجرد حرب... إنه إعادة صياغة كاملة للنظام الإقليمي وفق إرادة قوى عليا، تتلاعب بالأحداث وتُعيد ترتيب الأدوار بما يخدم أهدافها.

ويبقى السؤال بلا إجابة حاسمة:

من الذي انتصر حقًا؟

ربما لا أحد... سوى من يدير الرقعة من وراء الستار.

تابعونا في التحليلات القادمة...

لنكشف معًا ما وراء الحدث.