في حياتنا اليومية، نجد أنفسنا في مواقف تتطلب اتخاذ قرار مهم: هل نتحدث أم نصمت؟ هذه ليست مجرد لحظة عابرة، بل اختبار دائم لوعينا وحكمتنا في التعامل مع الآخرين. فليس كل ما نعرفه يجب أن يُقال، وليس كل صمت يكون حكمة. إن إدراك متى نتحدث ومتى نصمت هو مفتاح التوازن في العلاقات والتواصل الفعّال.
أحيانًا يكون الصمت أكثر بلاغة من الكلمات، فهو وسيلة لحماية الأسرار، أو تجنب الجدل العقيم، أو احترام مشاعر الآخرين. التسرع في الحديث قد يقود إلى عواقب غير مرغوبة، سواء كان ذلك بنقل معلومات غير مؤكدة أو جرح مشاعر أحدهم دون قصد. ولهذا، فإن التروي والتفكير قبل النطق بالكلام يضمن أن تكون كلماتنا ذات قيمة وليست مجرد ضوضاء.
لكن في المقابل، هناك مواقف يصبح فيها الصمت خطأ لا حكمة. عندما يكون لدينا معلومة تفيد الآخرين، أو حين يتطلب الأمر قول الحقيقة في وجه الباطل، يصبح الحديث ضرورة لا خيارًا. فالصمت عن الظلم، أو الامتناع عن تصحيح فكرة مغلوطة، قد يجعلنا شركاء في الخطأ دون أن نشعر. فالكلمة أحيانًا تكون أداة إصلاح وتغيير، وقد يكون التعبير في الوقت المناسب أكثر تأثيرًا من ألف موقف صامت.
التوازن بين الصمت والكلام فن لا يتقنه الجميع، فهو يعتمد على الإدراك والوعي بالسياق. الكلمة مسؤولية، والصمت سلاح ذو حدين، وبين الاثنين يكمن سر الفطنة والنجاح في الحياة. فكل موقف يحتاج إلى تقدير دقيق: هل الأفضل أن نتكلم ونوضح، أم نصمت ونراقب؟
التعليقات