إن أصعب اختبار يمر به أي نظام تخطيط أو إدارة هو وقت الأزمة أو الوقت العصيب، وحين يتمكن أي نظام من تجاوز تلك الأوقات يكون قد أثبت كفاءته كنظام فعال للإدارة، سواء أكانت إدارة وقت أو مال أو موارد، ولكن في رأيي أن هناك أوقات أخرى لا تكون بصعوبة الأزمات قد تعصف أيضا بتلك النظم وتجعلها غير صالحة على المدى الطويل.

وأنا هنا أتحدث عن وقت التراخي، فحين يتكاسل الإنسان عن الاهتمام بتفاصيل خطته وعن مراجعة سياسته في الإدارة، حينها فقط تبدأ ثغرات النظام بالكامل في التكتل، ورغم أن تلك الثغرات تكون واضحة وسهلة المعالجة في بداية الأمر، إلا أن تراكمها يؤدي بعد فترة إلى التخبط والضبابية في اتخاذ القرارات، فما كان بالأمس مسألة بسبطة، صار اليوم معضلة تحتاج إلى حل.

كمثال إذا افترضنا أن فلان وضع نظاما ليقرأ كتابا معينا وقسم عدد الصفحات على عدد الأيام وقام بعمل طريق مستقيم لإنجاز هذا الهدف، لكنه في بعض الايأم لم يكن يسجل تقدمه حين يفرغ من قراءة الكتاب، وفي البداية كان يذكر جيداً عدد الصفحات التي قرأها في كل يوم، فلم تكن الأيام أو الصفحات كثيرة، لكنه عندما ختم الكتاب وأراد ان يعلم عدد الايام التي تمكن فيها من قراءته، واجه مشكلة في تحديد عدد الصفحات في كل يوم، بل والأسوأ انه لم يعد يذكر إذا كان ألتزم بأيام الجدول كلها أم أن هناك أيام لم يلتزم بها، وهكذا وجد فلان نفسه في حاجة للعودة بالزمن إلى تلك الايام لكي يعلم عدد الصفحات التي قرأها في كل يوم، وعدد الايام التي قرأ فيها أصلا.

وهنا تتضح الفكرة ففلان هنا وقع في أخطاء التراخي في التخطيط ولم يكن قد صمم نظامه مسبقاً بحيث يكون مرناً بيتحمل مثل تلك الظروف، كأن يضع في الكتاب بعد كل مرة ينهي فيها جلسة القراءة علامة ويكتب عليها تاريخ اليوم، أو أن يضع خطة بديلة في حالة تكاسل عن تسجيل تقدمه حتى لا يفقد البيانات التي تعتبر هي عمود نظامه الفقري.

ومن أشهر وأسوأ اخطاء التراخي هي التخطيط في خط مستقيم وعدم الاحتراز من الظروف وتجاهل هامش الخطأ وغيرها من الاخطاء التي يقع فيها أي مبتدئ قي التخطيط، فالتخطيط الخطي ما هو إلا توقع من واضع الخطة بأن كل شيء سيكون على ما يرام،وهذا طبعا لا يكون إلا في الجنة ولا سبيل له في الدنيا.

لذلك من المهم أن يضع كل مخطط ومنظم لوقته أوقات التراخي والكسل في حسبانه وهو يقوم بوضع خطته لأنها لا تقل عن الازمات والأوقات الصعبة خطورة على أنظمة الإدارة والتخطيط.