عندما تتزوج الأشجار...تسيل الأنوف

اشتقتُ للكتابة في فضاء حسوب و التفاعل مع الأصدقاء، و ما منعني ذلك إلا ظروف شخصية لم تكن في الحسبان.

من الطبيعي أن يفرح الجميع بقدوم فصل الربيع، فمن منا لا ينتظر اعتدال الجو و تفتح أزهار الأقحوان و الياسمين، و من منا لا يحب تمتيع و تخضير عينيه في المروج الخضراء و الإصغاء لزقزقة العصافير، لكن بالمقابل هناك كثيرون يتوجسون عندما يقترب فصل الربيع و أنا واحد منهم، فأكون مجبرا على اقتناء كمية محترمة من المناديل الورقية بسبب حساسية الربيع التي تتسبب فيها أشجار الزيتون و البلوط و الأكاسيا على سبيل المثال عندما تطلق حبوب اللقاح...

لكن ما هي حبوب اللقاح؟ ببساطة هي عبارة عن إفرازات "جنسية" للأشجار تطير و ترفرف في الهواء كي تُلقح الأشجار بعضها البعض، يعني أنه عندما تمارس زَيتونتان عاشقتان الحب عن بُعدْ سأكون أنا الذي يعاني من الحساسية هو الضحية، و سأضطر لاقتناء عبوات كلينيكس الورقي و زيارة الطبيب و الصيدلاني و شرب الكورتيكويد و مضادات حيوية.

و لو تحدثنا بلغة علمية رصينة، فببساطة فهاته الفترة الربيعية تسمى فترة تزهير الأشجار، و الذي يحدث هو أن حبوب اللقاح المنتشرة في الهواء في فصل الربيع تدخل الخياشم مما يتسبب بفرط تحفيز الجهاز المناعي، وإنتاجه للأجسام المضادة التي تهاجم حبوب اللقاح على أنها أجسام غريبة، كما تحفز على إفراز مادة الهيستامين في الجسم و الذي يتسبب بدوره في سيلان الأنف وحكة العينين وغيرها من أعراض فرط التحسس.

و على ذكر الهيستامين، كنت جالسا قبل أيام في مقهى و سمعتُ غير متعمدا شخصين يشتكي أحدهما للآخر من حساسية الربيع و كيف عكرت حياته هاته الأيام، فنصحه صديقه بشرب ملعقة خل تفاح مع كأس ماء لأن خل تفاح فيه مضادات هيستامين طبيعية. فسأله صديقه المريض عن مصدر معلومته القيمة، أجاب صاحبنا أنه سمعها في التيكتوك. قال له صاحبه بنبرة ساخرة :أكيد أن صاحب الصفحة طبيب؟"

فأجاب "لا هو مؤثر و لكن معروف و لديه أكثر من مليون متابع".

بعد أن أتممت قهوتي تعجبتُ من زمان الوصفات الطبية التيكتوكية. و أنا في طريق عودتي إلى المنزل، لم انسَ طبعا اقتناء قنينة خل التفاح، أصلا لن أخسر شيئا.