أقبل علينا شهر الخير شهر العفو والمغفرة، ففي هذا الشهر تتضاعف الحسنات وتمحى السيئات وهو شهر فضيل ومن أعظم شهور السنة.

ويعتبر شهر رمضان فرصة لتهذيب النفس وتدريبها على التسامح والعفو لقوله تعالى (فمن عفا وأصلح فأجره على الله والله لا يحب الظالمين) اي أن من عفا عمن أساء اليه إساءته اليه، فغفرها له ولم يعاقبه بها هو قادر على رد الاساءة بالاساءة وانما عفا وسامح فأجر عفوه على الله.

ديننا الإسلامي مليء بالقيم والقناعات العظيمة ومنها قيمة التسامح وهي قيمة رائعة لابد لنا من ممارستها واستشعار عظمتها فأن تعفو عمن أساء اليك وألا تأخذ بحقك ممن ظلمك فتتركه ابتغاء وجه الله، ولكن للاسف هناك من يفسر التسامح بأنه ضعف وهزيمة وأنك لابد أن تطالب بحقك، العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم، فهذه ايضا قناعة لدى البعض يعيش حياته عليها ولا يقبل بالتسامح فتراه قاسي القلب وغليظ الأسلوب ولا يتم بالمرونة في التعامل لأنه لا يسامح أبدا ولا يتغاضى عن أي حق مهما كان حجمه، هذا النوع من الناس يعيش حياة متوترة وقلقه هو يظن أنه مرتاح ويتصنع السعادة لأنه أخذ حقه هو الغالب دائما بينما في قرارة نفسه يشعر بالخوف والضعف.

فالتسامح أعلى درجات القوة وأعظمها في الشخصية ولنا في التعامل بها أمثلة لرسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في تسامحه مع جاره اليهودي الذي كان يؤذيه، حيث كان يأخذ الشوك والقاذورات ويرمي بها عند بيت نبينا الكريم، ولما يستيقظ يجد هذه القاذورات، فكان يضحك "صلى الله عليه وسلم"، ويعرف أن الفاعل جاره اليهودي، فكان نبينا الكريم "صلى الله عليه وسلم" يزيح القاذورات عن منزله ويعامله برحمة ورفق، ولا يقابل إساءته بالإساءة، ولم يتوقف اليهودي عن عادته حتى جاءته حمى خبيثة، فظل ملازما الفراش يعتصر ألما من الحمى حتى كادت تهلكه.

وبينما كان اليهودي بداره سمع صوت الرسول "صلى الله عليه وسلم" يضرب الباب يستأذن في الدخول، فأذِن له اليهودي فدخل صلوات الله عليه وسلم على جاره اليهودي وتمنى له الشفاء، فسأل اليهودي الرسول "صلى الله عليه وسلم" وما أدراك يا محمد أني مريض؟ فضحك الرسول "صلى الله عليه وسلم" وقال له: عادتك التي انقطعت (يقصد نبينا الكريم القاذورات التي يرميها اليهودي أمام بابه)، فبكى اليهودي بكاء حارا من طيب أخلاق الرسول الكريم "صلى الله عليه وسلم" وتسامح منه، ونطق الشهادتين ودخل في دين الإسلام.

خاطرة،،،

التسامح سهل التعلم صعب التطبيق، ويحتاج إلى صبر وتعود على ممارسته، بمعنى أنك كلما فكرت في شخص أغضبك وضايقك أن تسامحه وتتمنى له الخير وسيعطيك الله سبحانه أجره وثوابه.