جميعنا شاهد أخيرا ما حدث في سوريا جراء الزلزال الذي ضربها وتركيا، والله إن المناظر والمشاهد التي وصلتنا تدمي القلب، دموع الرجال والنساء واستغاثاتهم، نعوذ بالله من قهر الرجال، سوريا التي لم تتعاف بعد من تبعات الحرب، وما زالت تعاني برد الشتاء وانقطاع الكهرباء وتبعات القصف المستمر منذ سنين طويلة، كان الله في عون أهلها ما زالت ألسنهم تلهج بالحمد لله، رحم الله شهداءهم ولطف بهم وشافى جرحاهم، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "الشهداء خمسة:..وصاحب الهدم.."، فنحسبهم بإذن الله شهداء.

كان الله في عون المسلمين جميعا في سوريا وتركيا وكل البلاد المتضررة، ولكني أخص بالذكر سوريا التي تعاني من قلة الإمكانات وقلة الموارد، فهي تحتاج إلى مساعدتنا جميعا، فمن كان يستطيع المساعدة بأي شيء فلا يتردد، لقد هبّت الإنسانية جمعاء ومدّت يدها الدول من شتى أنحاء العالم فماذا عنا؟ علينا المساعدة بأي شيء نستطيعه.

أما آن الوقت لتتوقف الحرب في كل أنحاء العالم؟ ما الذي يستحق في هذه الحياة كل هذه المآسي والنزاعات؟ بثانية انقلبت الأرض فوق الأرض وتهدمت، أما آن الوقت لتتوحد دولنا العربية وتتكاتف الدول الإسلامية؟ إنها فرصة لنتجاوز الخلاف والنزاع فلا شيء في الحياة يستحق كل هذا الصراع.

إنها فرصة لنعود إلى الله، شحّ الأمطار والزلازل والخسف.. أليس ذلك بكفيل للخوف أكثر من لقاء الله؟

هي فرصة لمن نجا ومن لم تصله آثار الزلازل لمراجعة نفسه والابتعاد عن التعلق بالدنيا، ففي لحظة يذهب كل شيء.

هل تتخيل معي أن تستيقظ لتجد نفسك بين سقف وأرض وفرصتك في النجاة لا تعلمها ولا تسمع غير أصوات واستغاثات؟ ما الذي ستشعر به حينئذ؟ قد تسمع صوتك وقد لا تسمعه وقد ينجدك أحد وقد تبقى وحيدا تصارع الموت وحدك، يتحدثون معهم وهم لا يعرفون هل سيخرجون من تحت الركام أم لا، ومنهم من ودعهم وتوفي دون أن يحظى بفرصة الحياة، ومنهم من ما زال ينتظر النجدة والموت بالمقدار نفسه، وكل يوم يمر تقل فرص من تحت الركام بالنجاة.

يقول أحد خبراء الزلازل إن هناك فرصة لحدوث مزيد من الزلازل ولا أحد يتوقع درجاته، فلا أحد بمنأى عن هذه الزلازل، في لحظة تنقلب الأرض وتهدم ولا يكون بينك وبين الموت إلا شعرة، أليست هذه فرصة لنراجع أنفسنا ونعود إلى الله؟

سوريا منذ عام 2011 لم يهدأ لها بال، بدأت بمظاهرات وانتهت بحرب شاملة، والسوريون يعانون ويلات الحرب وما زالوا منذ ذلك العام يعانون، مرت كل تلك السنون ونحن نأمل عودتها أفضل من ذي قبل، أثرت فينا مشاهد المصابين والأطفال كتلك الطفلة التي كانت تحتضن أخاها تحت الركام، وتلك السيدة التي أنجبت طفلها تحت الركام وغيرهم، والطفل الذي علق بين بنايتين وأخذ يردد الشهادتين ظللت أبحث عنه حتى اطمأننت أنه أنقذ، اللهم لطفك اللهم لطفك.

فلنساعد سوريا بأي شيء نستطيعه، فمن أحياها كأنما أحيا الناس جميعا.

سوريا الجريحة التي لم تستيقظ بعد من الحرب وتبعاتها، اللهم كن لهم عونا وسندا.