الحقيقة الي دايمًا مخفيّة عن عينك.. إن القُطبيّة في الصراع حتميّة وضرورة بدأت مع بداية كُل شيء، وتقدر تشُوف ده في أول حكاية اتكتبت.. تاريخيًا أول صراع طهر للانسان زيّ ما أنتَ عارف يا رفيق كان ما بين آدم وإبليس، ونتج عنه في النهاية تمامًا خرُوج "آدم وحواء" من الجنة، وطرد "إبليس" من الملكُوت.. والغريب.. إن "إبليس" ذات نفسه قال لرب العالمين مُتوّعدًا آدم وذُريته، أنه هيقعد لهم ويفتنهم ويغويهم، فربنا سُبحانه وتعالى رد عليه بأنه جعله من المُنظرين.. يعنّي ربنا بنفسه عزّ وجلّ أكد على أبدية وحتميّة الصراع القُطبي الي هيكُون بين "إبليس" و "آدم ونسله" ليوم القيامة.. ركزّ معايا.. بتلاحظ بعد نهاية الفصل ده من الصراع والي المفرُوض أنه أصبح صراع حتميّ مفتوح للأبد عدم وجوُد ذكر مُباشر لمُواجهة جديدة بين إبليس وبنو البشر نهائي، بس هتلاقي صراع روّحاني كده.. قُطبي برضه ما بين اتباع خطوات الشيطان وما بين الصلاح الانساني الجوهري الي على الفطرة.. ليه..؟ لأن مع بديهيّة الصراع القُطبي الي كان بين أبونا وبينه، مُستحيل تلاقي حد مننا يخضع ليه أو يميل ليه بأيّ شكل الا عن طريق العناصر الي هو نفسه "ابليس" كان عارف من الأول أنه قادر عليها والانسان هيكُون ضعيف قُصادها وعشان كده استخدم لفظة "الاغواء" تحديدًا.. الاغواء بيكُون عامل زيّ الستارة كده الي مخبيّة ورا منها حاجات كتير، الحاجات دي مُمكن تكُون مُطابقة للشهوات وما تميل اليهِ النفوس، والستارة دي بترقُص قُدامك كده كُل شوية تُظهر لك ما وراءها فيسيل لُعابك.. عشان الصراع المُباشر الي هيكُون فيه عداوّة مُباشرة ضد الانسان العاقل "ابليس" خسران فيه بكُل أريحيّة، لكن هو معملش كده، هو استخدم ستارة الاغواء عشان يسيطر عليك ويُثبت لنفسه وللكُل أنه أفضل من بنو آدم منذُ البداية.. فكانت الخطة هي New World Order عالم جديد تمامًا، تتحكم فيه الحاجات الي ورا الستارة دي بنفُوس البشر.. طب وليه أنا أنقل الانسان نفسه ورا الستارة كُله كده بشحمه ولحمه، وأخليه يعيش ورا الستارة ويكُون حلمه أنه ينضم لشعُوب ما وراء الاغواء.. ما ده أسهل كده، ونبنّي عالم جديد مليّان شهوّات وفوّاحش والوصول ليها أسهل وأمتع، بدل التزمُت والجمُود الي بتكُون فيه المُجتمعات الي عايشة في الحدود المكتُوبة.. نزيّن لهُ الفواحش ونخليها رغم حُرمانيتها شكلها أشيك وأروّش وأكثر تحضُرًا ونسمّيها الحداثة والي مش بيعمل كده هيكُون مُتخلف ورجعي وقديم.. أصل أنا مش هفضل أوسوس لكُل واحد في نفسه واقوله اقتل اسرق وهكذا، لأ أنا هبنّي عالم جديد بقوانين جديدة، مُبهر فيه البنات لابسين عريّان وشكلهم مُبهر وفيه الرجال لابسين زيّ البنات برضه، وفيه رجال بيحبوا رجال وستات بيحبوا ستات، فيه المُخدرات الي بتحسس الانسان بمدى قوته وأنه شخص outlaw كده ومُتحدي للحكُومات والمُجتمع، تسقُط كُل المباديء الأصلية الي ماشي عليها المُجتمعات من زمان.. عايزين حاجات جديدة، مباديء جديدة وحُرية أكبر وأكثر اتساعًا تخلّي الانسان ينسلخ من مُكتسباته الفكرية وينضم لعالم أشبه بقرية صغيرة ونقول ان دي العوّلمة.. عالم جديد، المادة فيه بتحكُم والروّحانية هتلاقيها في الجنس والمُخدرات الي بيخلُّوك تنفصل عن المادة تمامًا وتستشعر قُوى أكبر.. في العموم يعنّي نخلق لك مبادئ جديدة تخليك Cool أكثر وتخلّي العالم في نفس الوقت أشبه بالجنة، فيها مُل ما لذّ وطاب.. تمسك فيه بايدك وسنانك وتشتغل أكتر في مُؤسسات رأسماليّة تستعبدك في مُقابل انك تجمع فلوس أكتر عشان تحيب ڤلل أكثر ومُوبايل أحسن وعربية أحدث، وتغازل بنات أجمل وتكُون وسط المُجتمع الي ورا الستارة ده.. فيزيد عدد الي بيدخلُوا عالم ما وراء الستارة ويفضل الي برة الستارة ده ورافض "الإغواء" نفسيته مش مظبوطة لأن جُوّاه في أعماقه مش مُستسلم للهراء ده، ومش مُتقبله فيبدأ يحسّ إن أهدافه مش مُتسقة مع الي حواليه، ولا المكانة الي بيحصلها في المُجتمع الي هو فيه يستحقها فعلاً، ولا النضافة الي جُوّاه رغم انها صح وحقيقية مقبُولة اجتماعيًا أساسًا.. مُنخرطًا في المُجتمع الرأسمالي أكتر وبقى جُزء منه بس مش مُهتم أبدًا بالي غيره مُهتم بيه، فيحسّ بالنبذ الاجتماعي والرفض، يبدأ يحاول ينضم ليهم فورًا عشان ميحسش بالوحدة، أو الاستنفار منه، عشان ميكرهش نفسه.. ولو رفض المثُول لكُل ده وتمسك بالي هو حاسس أنه صح هيحسّ بالانعزال والغُربة المُجتمعيّة وأنه منبوذ ومالوش رفقة، ومفيش قُدامه غير حل واحد أنه ينضم لنفس الناس الي ورا الستارة، يلبس زيهم وياكل زيهم ويعمل نفس الفواحش عشان يبقى طبيعي.. مفيش دين ولا عقيدة تصمُد قُصاد نفس الانسان إذا غلبت، لأن الانسان هلُوع خايف نفسه ضعيفة وغير قادرة على المُجاراة قُصاد المادة المُزيّنة.. طب رُوحت معاهم وانضميت ليهم..؟ مش هتحسّ بالراحة برضه، لأن مطلوب منك تبقى أشد تطرُفًا ويسارية، ومحتاج تكسب فلوس أكتر عشان تحقق أكتر وأكتر وتنهب من العالم ده أكتر..
وهكذا..
مرحبًا بكَ في بيت العنكبُوت..
العالم مليان وجسمك الحالي مرفُوض ومطلوُب منك تروح تصطنع جسم مثالي يليق بالمُجتمع ده، مرفُوض فيه تكُون طيب وجُوّاك نُور، احنا بنلبس زيّ بعض وبناكُل زيّ بعض وبنعلِّي على بعض في أي حاجة..
أنتَ مش cool عشان أنتَ مشيت لوحدك ومقدرتش تمشي ورا القطيع، وده باختصار شديد the new world order الي موجود في الغرب من سنين وبدأ يغزو الوطن العربي..
بس متنساش..
بسم الله الرحمن الرحيم..
"مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ"..
فهي مش مُؤامرة ولا التفاف عليك، هي حياة أنتَ اتزرعت جُوّاها وعشان تخرُج منها على خير، تأكد إن بيت العنكبوت مش مكانك بالأصل، لأنك مش ضعيف..
أنتَ قوي بربك..
✍️ علي جمال عيسي