ذات مرة في المحكمة تسائلت مع نفسي لماذا المحامون يرتدون هذه البذلة السوداء الحزينة و فيها قماش ابيض على الصدر لأجد أن العالم أجمعه متفق على هذه البذلة، وهذا ما دفعني لأبحث عن سرها،
بحث كثيرا و سألت كل أصدقائي و أهل القانون لكن وجدت قصص مختلفة بعيدة عن المنطق، لا أحد يؤكد صحتها، بعدها إلتجأت إلى محامي هو أستاذي وروى لي قصص رتيبة حقيقية شائعة، وهي قصص بشعة في حق الانسانية شعرت بالقشعريرة و أنا أستمع لتلك القصص المخزية، كنت أصور مشاهدهة في خيالي، فأشعرني بتأنيب الظمير حيال هؤلاء الأوغاد فكيف لهم أن بفعلو ذالك في حق البشرية؟ .
و أنتم هل تساءل أحد منكم يوما لماذا يلبس المحامون هذه البذلة أو عن تاريخها وكيف تطورت من بذلة لرجال الدين إلى زي رسمي للمحامين؟ وماهو السر الخفي وراء اختيارهم لهذه البذلة؟؟
للإجابة على الإشكالات السابقة سنتعرف على البذلة السوداء،
تلك التي يرتديها المحامي في المحكمة، وفي جميع أنحاء العالم متفقون على لبس هذا الزي الرسمي، البذلة والتي يطلق عليها، أيضًا، اسم رداء المحاماة ' LAROBE'، كما يقال لها أيضًا الجبة، تحيل بتعبيراتها الثلاثة إلى الزي الرسمي المهني، الذي يرتديه المحامون خلال مرافعاتهم.
ويرجع تاريخ بذلة المحاماة إلى عام 1791 بفرنسا، عندما كان أحد القضاة الفرنسيين جالسًا في شرفة منزلة، وبالصدفة شاهد مشاجرة بين شخصين، انتهت بقتل أحدهما للآخر وهرب القاتل، وهرع أحد الأشخاص إلى القتيل وأخذه إلى المستشفى ولكنه كان قد فارق الحياة.
اتهمت الشرطة الشخص المنقذ، وكان بريئاً من هذه التهمة، وكان القاضي هو الذي سيحكم في القضية، ولأن القانون لا يعترف إلا بالدلائل والقرائن، فقد حكم القاضي على الشخص البريء بالإعدام، وعلى الرغم من أن القاضي نفسه، شاهد على الجريمة التي وقعت أمام منزله.
وبعد فترة اعترف القاضي أمام الرأي العام بأنه أخطأ في هذه القضية، وحكم على شخص بريء بالإعدام، فثار الرأي العام ضده واتهمه بانعدام الأمانة والضمير.
وذات يوم أثناء النظر في إحدى القضايا، كان هذا القاضي هو نفسه رئيس المحكمة، فوجد المحامي الذي وقف أمامه لكي يترافع في القضية مرتدياً بذلة سوداء، فسأله القاضي عن سبب ارتداء هذا الثوب الأسود، فكان رد المحامي: لكي أذكرك بما فعلته من قبل، وحكمت ظلماً على شخص بريء بالإعدام، ومنذ تلك الواقعة أصبح 'الروب' الأسود هو الزي الرسمي في مهنة المحاماة، ومن فرنسا انتقل إلى سائر دول العالم.
وفي رواية أخرى، قيل إن مواطناً في روما القديمة، وهو في طريقه إلى المخبز حيث يعمل، وجد جثة شخص ميت، فأبلغ الشرطة، لكنه سرعان ما وجد نفسه متهماً بالقتل، ووضع في السجن في انتظار محاكمته، وخلال الفترة التي كان فيها وراء القضبان، تملكه حزن شديد، فلبس جبة سوداء تعبيراً عن حزنه وقطعة قماش، ذات لون أبيض، لفها حول رقبته أملاً في الخروج من السجن يوماً ما، وأثناء المحاكمة استفاد الخباز من البراءة.
وتعزو رواية ثالثة رداء المحامين إلى الأصل الكهنوتي، إذ كان المحامون رجال دين، وكانوا يرتدون جلباباً أسود، أشبه بمعطف طويل، تأثراً بالشعائر الدينية التي كانت سائدة في ممارسة المحاماة، وخضع هذا الرداء لتعديلات عدة في الشكل وفي اللون.
لأترك مقولتي الشهيرة المحكمة لا تقرأ ظميركم ولا تقرأ قلبكم ودماغكم فهي تقرأ ملف و صاحب الدليل هو إبن الحرية.
التعليقات