بداية هذا الموضوع كان رد على موضوع آخر، ثم فضلت جعله في موضوع مستقل ليكون النقاش أكبر، ولتنشيط الموقع أيضًا من بعض ركوده :)
الموضوع السابق (
يتحدث باختصار عن فرح العيد، وكيف أنه لم يعد مفرحًا. ولتتضح وجهة نظري عن هذا المبدأ سأتحدث عن الزيارات من باب أنها مرتبطة بالعيد.
ذكرني كلامك -صاحبة الموضوع- ببعض من أعرفهم وطريقة تعاملهم مع الزيارات، فتريهم يستعدون لها بتكلف أراه شديدًا.
وبدل من كون الزيارة بسيطة وممتعة تتحول إلى هَم، لأنها تجردت من بساطتها، وتُحمل صاحبها حمل ليس ملزم به، لقد أصبحت تركز على الماديات مثل المظاهر المؤقتة والهدايا.
ولاحظت أيضًا أن الأشخاص المُزارين يحملون هَم أيضًا بألا تبدو مظاهرهم أو بيوتهم بمظهر جيد، وبألا تكون وجباتهم على قدر المستوى المأمول، ولا أدري عن أي مستوى يبحثون.
أعرف قريبة لي استدانة من أجل وهم كرم الضيافة عندما زارها عمها، عجبًا لأمرهم! ويرغبون بعد هذا أن تتحول زياراتهم إلى فرح!
من جانبي أرفض هذه التصرفات، دائما ما تكون زياراتي بسيطة جدًا، أحضر رفقة نفسي فقط، بدون زي مزخرف، أو هدايا مترفة، والحمد لله فزياراتي ممتعة جدًا، أقضيها رفقة أصحابي بالحديث في المواضيع الممتعة وغالبًا ما ننتهي من النقاش نقوم ببعض الأنشطة الجانبية، كإصلاح عطل في المنزل، أو السيارة أو حتى الذهاب في رحلة لجلب الحطب :)
الجميل أيضًا أن من أزورهم يشاركوني نفس النظرة، فأجدهم على حالهم البسيط، إذا كان لديهم شيء جاهز من الشاي والقهوة أحضروه وإن لم يكن معهم فلا بأس. وإذا حضر وقت الوجبة أكلنا من أكلهم، ولا حاجة لطبخ جديد وما شابهها من التكلفات.
قد يقول البعض، أنت محظوظ برفقة كهذه، وأقول نعم، الحمد لله، ولكن هذه المعاملة لم تأتي من فراغ، وسأوضح لك كيف.
قبل مدة ذهبت مع صديقي لزيارة صديق آخر لم نقابله منذ فترة طويلة، قبل توجهنا إليه أخبرته بقدومنا، وأخبرته أيضًا بأنني لست من النوع الذي يحب الكلافه، وبأنه يعرف منهجي، اشترطت عليه ألا يخل بهذا الشرط.
بعد وصولنا تقيد صاحبنا فعلًا بالشرط، لكنه قدم لنا بعض الهدايا، هنا وفي هذه اللحظة أُحرج صديقي جدًا، وقال لي كيف لنا أن نزوره بدون جلب شي معنا، وفي المقابل هو يعطينا هدايا.
وهنا تبدأ المشكلة الحقيقية، التصرف المعتاد أن يعود صديقي لزيارة صاحبنا ويحضر له هدية أكبر، ثم فيما بعد صاحبنا سيعاود إحضار هدية أكبر من تلك التي قدمناها، وهكذا تتحول الزيارة من الفرح البسيط إلى التكلف الشديد.
مع أن صديقي عزيز جدًا، إلى أني تعمدت كسر القاعدة حتى لا تختل مبادئنا، عدت بعد شهور وزرته، وأحضرنا له معنا هدية بسيطة جدًا، كوب قهوة، فالهدية بالنسبة لي ليست بقيمتها، بل بمعناها، عندما يحضر لي أحد هدية غاليه أفكر كيف أنه ضيق على نفسه من أجل شراءها، ويفقدني هذا لذه الفرح بها، بينما إذا كانت بسيطة أشعر بقيمتها المعنوية حقًا، وهذا يسعدني، وأجزم أن الغالبية تشاركني نفس الفكرة.
حسنًا، هل تغيرت علاقتنا بما أنني قدمت له هدية أصغر من هديته؟ بالطبع لا، بل زادت، وأصبح يدعوني لزيارته أكثر، لأنه يعلم أنني بقدومي لن أثقل عليه، ولن أسبب له أي هم، ستكون زيارة بسيطة وسعيدة، لأنها تركز على الأشخاص لا على ما يجلبونه معهم.
لاحقًا بعث لي صاحبنا بعد زواجه بصورة له يحمل كوب القهوة، يقول أنه أغلى هدية عنده، حتى أنه يضعه في أعلى الدولاب حتى لا ينكسر.
عندما تكون لديك مبادئ واضحه وبسيطة، تسير عليها وتحث غيرك على نهجها، لن تقلق مستقبلًا من زيارتهم لك، ولن يقلقوا هم من زيارتك لهم.
التعليقات