ملحوظة :تفريغ المحاورة من براهين وجود الله 248\1 للأستاذ سامي عامري
المحاورة التاليةتمت بين الكاتب المناظر المعروف (فرنك تورك) وأحد من حضر محاضرةً له ،وفيها بيان عملي لعجز الملحد عن فهم أزمة التأصيل الأخلاق في تصور كوني إلحادي ،وكشف لأزمة الجمع بين الإلحاد والأخلاق الموضوعية:
نص المحاورة
نثنائيل : لقد قدمت ثلاث حجج محددة على وجود الله ،حجة الخلق,وحجة التصميم،وحجة أخلاقية.
أريد في البدء أن أحاول نقص دليل الأخلاق لأنه ليس في الحقيقة حجة لوجود الله،وإنما هو حجة لحقيقه أنه علينا أن نحمل معرفة بوجود الإله لأنه
إن لم يكن الأمر كذلك فلن يكون هناك أساس
أخلاقي من الممكن أن نقف عليه،وذاك أمر اختلف معه لأنني آشعر أن الإنسان ذو نزعه أصيلة للإيثاروالتلبس بالأخلاق.
فرنك تورك:طيب ! توقف هنا لحظة نثنائيل ! ماذا تعني بنزوع للإيثار والتلبس الأخلاقي؟
نثنائيل:نحن كرماء، ونهتم بأمر بعضنا بعض.
فرنك تورك: لماذا تعتقد أن ذاك أمر جيد؟
نثنائيل:لماذا تعتقد أن ذاك أمر جيد؟ لأن ذاك يعين كل الكائنات الحية على البقاء.
فرنك تورك:لماذا تعتبر البقاء على قيد الحياة أمرًا جيدًا؟
نثنائيل: لماذا هذا أمر جيد؟ لأن الأمر كذلك!
فرنك تورك:طيب،ذاك وصف لما هو كائن لا لما يجب أن يكون. ستالين سيقول:طيب نثنائيل،سأَضمن لنفسي البقاء بقتلك،والأستيلاء على ماتملك. لماذا هو خاطئ؟
نثنائيل: ....توجد حالات لايقوم فيها الناس بالعناية بحقوق بعضهم،وهي مواقف استثنائية،ولكن لأن طابع الإيثار أصيل في نفس الإنسان،، فسيكون حافزة الأول أن يعتني بغيره أو يعين الناس ، ولكن إذا كان حافزه مناقضا لذلك ، فلن يملك ذلك الدافع ، وسيقرر أنه يريد قتل الناس لأنه لا يوجد داع للإحسان إليهم.
فرنك تورك: مرة أخرى أرى أنك تصادر على المطلوب في شأن ماهية الإيثار.لماذا تعتبر العناية بالآخرين أمرًا جيدًا إذا لم يكن هناك إله ؟ ذاك رأيك! هل توجد مرجعية خارجية ذات سلطان، مرجعية ثابتة تأخذ منها رأيك ذاك بما يجعل رأيك موضوعيًا،أم هو فقط ماتحسه؟
نثنائيلالبشر!ولذلك إذا نظرت إلى الأمر على أنه من المتوافق عليه في التاريخ البشري أننا نعتني ببعضنا بعض،فبإمكاننا أن نعتبر برهانًا لامتلاكنا حافزًا أخلاقيًا.
فرنك تورك: طيب ، دعني أتفق معك ، نعم نحن نملك حافزا أخلاقيا وذاك بالضبط ما قاله سي . أس . لويس فى كتابه (the abolition of man)عندما نظر في كامل الثقافات المتنوعة ،وقال :إنها تتفق في الأخلاق الأساسية ؟ قد تكون هناك طرق مختلفة لتفسير ذلك،بعضها سيقول إن الله كتبها في قلوبنا،لكن البحث ليس في كيفية معرفتنا بهذه الأخلاق ،وإنما هو لماذا كان الإيثار -كما قدمته - وعناية الناس بعضهم ببعض أمرًا جيدًا؟ من قرر ذلك؟
نثنائيل:ليس من المهم أن نعرف من قررذلك ، الأمر على ماهو قائم! نحن كائنات إيثارية . لا حاجة أن نجد من يقول لنا إن ذاك أمر جيد ،الأمر هو كذلك وكفي!
فرنك تورك:ولكن إذا تدخل (هتلر)أو(ستالين)، وقال : أنا لا أريد أن أؤثر على نفسي،أنا أريد أن أكون أنانيًاوأن أحتكر كل شيء لنفسي ،وإذاكان علي أن أقتلك لأحقق ذلك ،فسأقتلك،لماذا ذلك أمر خاطئ بصورة موضوعية؟
نثنائيل:لأئه لا يهتم بأمور الآخرين.
فرنك تورك: من قرر ذلك؟ من أين جئت بهذا المعيار الموضوعي أنه عليك أن تهتم بالآخرين ؟
من أين جاء ذاك المعيار إذا لم يكن هناك إله؟
نثنائيل: سأذكر مثالا أعرفه .. توجد ثلاث ملحوظات أريد أن أعرضها.أولها،نحن لا نزال موجودين،ولولا أننا اعتنينا بعضنا ببعض ككائنات اجتماعية ،لكانت إمكانية بقائنا على قيد الحياة بالغة الضعف إننا نحتاج أن نعيش متعاونين ،ونحتاج أن نعتني بعضنا ببعض،ونحتاج أن نكون لطفاء بعضنا مع بعض.
فرنك تورك: أنت بذلك تفترض أن تحقيق البقاء امر جيد ،لماذا تحقيق البقاء للانسان؟لماذا لا يكون الصراصير أو عنكبوت الأرملة أولى؟
نثنائيل: لماذا تحتاج مفهوم الخير هناك؟ نحن لانزال أحياء ،ونحن جنس لطيف في تعاملنا بعضنا مع بعض ،ونعتني بأمر بعضنا مع بعض.
فرنك تورك:اعذرني نثنائيل، أنت تسرق معايير الخير من كون الله لتجعل رؤيتك الكونية فاعلة،ولكن إذا لم تكن هناك معايير أخلاقية سلطانية موضوعية متجاوزة لنا ،فلن ينجح الإلحاد عندها (في أن يقدم أخلاقًا)
نثنائيل: أعتقد أ،ك مصيب،في كلامك حق،فكرة الخير واشر مفهوم ديني من عدة أ,جه ،ولكن لماذا نحتاج ذلك؟
فرنك تورك:الأمر مرتبط بما تعنيه أنت بكلمة دين.بإمكاننا أ، نجعل الدين خارج الموضوع لأنها مثقلة (بأمور كثيرة) لنتحدث فقط عن (المصدر)،أنطولوجيا (أي:دراسة الوجود)، من أين جاءت الأخلاق؟هل أنت ملحد؟
نثنائيل: نعم!
فرنك تورك: هل أنت مادي؟
نثنائيل: لا!
فرنك تورك:إذن أنت تؤمن بحقيقة غير مادية،هذا أمر جيد.كيف تفسر وجود حقيقة غير مادية إذا لم يكن هناك إله؟
نثنائيل: هل ممكن أن تعرف الحقيقية غير المادية؟
فرنك تورك لنأخذ القوانين الأخلاقية، أنه من الصواب أن نعتني بالآخرين، آنه من الصواب أن نحب،أنه من الخطأ أن نقتل.من أين جاء ذلك؟
نثنائيل :ذاك شيء أصيل فينا،في سلوكنا.
فرنك توركذاك كيف نعرفه! ودعني أتفق معك أن هناك طرقا عدة لمعرفة ذلك.إذا كان التطور البيولوجي صوابا،ربما استطاع التطور أن يعيننا على اكتساب ذلك،ربما علمنا آباؤنا ذلك ،ربما علمنا المجتمع ذلك ،ولكن سؤالي لايتعلق بكيفية معرفتنا ذلك،سؤالي هو: لماذا كان أمر أن نحب غيرنا أمرًا صوابًأ،وأن نقتل غيرنا أمرًا خطأ ،بصورة موضوعية،إذ إننا قد سألنا النازيين، قالوا لنا:نحن نطيع حكومتنا .قلنا لهم:عليكم واجب أعظم ،وهو أن تلتزموا بما هو خير لا أن تطيعوا حكومتكم،وقد فشلتم في ذلك...........................
التعليقات