قبل ثلاث أسابيع إلتقيت ببيرم وهو مهندس تجهيز يعمل بإحدى الوزارات منذ أربع سنوات في قسم الصفقات العمومية، تعجبني نظافة يده،فهو إنسان صاحب مبدأ لا يقبل الرشوة و يعمل بجد لكن ذلك سبب له عدة مشاكل مع زملائه خاصة من يسمونهم المسامير الصدئة من الموظفين الذين يأكلون الرشوة أو الذين دخلوا بالواسطة، فقد وقف لهم كالحارس أمام الشباك و أصبح شوكة في حلقهم.لذلك دبرت له عدة مكائد لكنه مازال صامدا إلى حد الآن.كما أنه إبن عائلة مرفهة فأبوه يشغل منصبا معتبرا في إحدى الوزارات لذلك أراد له أن تكون زوجته طبيبة،لا أعلم لماذا يجب أن تكون طبيبة, مرتين يخطب له طبيبة و يفشل مشروع الزواج قبل البدء، المرة الأخيرة قبل الزفاف بشهر.

عندما قابلته كنت مارا أمام مقهى فناداني،الحقيقة يعجبني أدبه فدائما لا تسمع منه سوى "بارك الله فيك"، "شكرا"،كما أنه بشوش لا تسمع منه كلمة بذيئة أبدا. كان حزينا جدا و وجهه شاحب. سألني عن أحوالي كان يظن أننا إلتقينا منذ خمسة أو ستة أشهر لكن آخر مرة إلتقينا فيها كان منذ سنتين، سألني عن جديدي قلت أن ذلك يتطلب جلسة خاصة لأن لدي الكثير، لكن أخبرته بتلخيص لآخر مستجداتي.تحدثنا قليلا، أنا أتحدث عن كل شيء إلا العمل و كرة القدم و السياسة، أخبرني عن إنفصاله عن خطيبته، واسيته و قلت له لعل في الأمر خيرا، فالإنفصال قبل الزواج أفضل في بعض الأحيان.

كما أنه ليس بالضرورة أن يتزوج طبيبة، فضروف عمل الأطباء شاقة، كذلك في المجتمع لم تعد المهن التقليدية مصدر ثروة، أصلا لا يجب أن تحدد مهنة شريكة حياتك المستقبلية ثم تبحث، حتى عدد الطبيبات قليل جدا، لذلك يجب أن يغير خياراته.كما أنه لا يجب أن تتزوج لأن أباك يريد ذلك، فالزواج رزق من الله، قد يتأخر أو يتقدم.المهم أن لا تضغط نفسك بسبب التقاليد و العادات البالية.

قلت له أن أباه يبدو ممن يسهل التفاهم معه ، لأنني رأيته في حفل تخرجه، ثم تحدثنا قليلا عن أيام الجامعة الحلوة.ثم أخبرني أن بريد الجيميل الخاص به إمتلأ .

إستعملت كل 15 جيقا؟ أنا لم أستعمل إلا القليل.أظن يمكنك تفريغ سلة المهملات، أو حذف الملفات التي تستخدم معظم السعة التخزينية.

أنظر إدارة الحصة التخزينية في حساب قوقل درايف Google Drive

كما يمكن إستخدام بعض خدمات التخزين السحابي مثل dropbox

و أخبرني أن أحد أقاربه لديه شركة مقاولات كهرباء بناء و يريد أن يحصل على شهادة مطابقة الجودة ISO لذلك يبحث عن شركة تقوم بإيجاد حلول برمجية لكي يتم إنجاز كل أو أكثر المعاملات بالحاسوب، فإذا أمكن أن أنجز لهم هذه المهمة خاصة و أنه يخاف من خروج معلومات الصفقات للمنافسين لذلك هو يفضل أن يتم كل شيء على الورق لكن لكي يدخل في الصفقات الكبرى يجب أن يدخل البرامج في الشركة.فأعطيته رقم هاتف و أمليت عليه عنوان موقع الويب لشركة أعرفها، صاحبها مشهود له بالثقة.

ثم سألني عن صديق مشترك غابت أخباره، فقلت له أننا تقابلنا قبل أن يذهب للعمل في التشاد.فقد وجد

عقد عمل هناك في مجال البناء، فكما تعلم دول إفريقيا جنوب الصحراء تشهد إزدهارا في البنية التحتية.

فعلا فأبي يعمل خبيرا مع وزارة التجهيز في السنغال،هناك طلب كبير على خريجي الهندسة المدنية و المهن المرتبطة بقطاع البناء.

ثم إفترقنا على أن نلتقي قريبا،البارحة إلتقينا مرة أخرى صدفة، فقد وجدته قرب مقهى "why not"

يترنح من التعب لكن وجهه مشرق، سلمت عليه، كنت أظنه متعب من الصيام خاصة و أننا في أول يوم من رمضان، لكن قال لي :

-أتعرف أنني الأن يخيل لي أنني في النهار

-لماذا؟

-لأنني كنت في النصف الآخر من الكرة الأرضية و قد وصلت منذ يوم ولكن بسبب فارق التوقيت لم أستطع النوم

-مبروك عليك السفر و مرحبا بك بيننا...^_^

-لا أصدق أنني عدت ،أنا مصاب بالصدمة الحضارية،تصور في الذهاب عندما نزلنا في مطار إسطمبول لتبديل الطائرة إنبهرت بالمطار و قلت كم نحن متخلفون، لكن في الإياب قلت كم هو قديم و مطار إسطمبول

شوقتني،حدثني عما رأيت.

نكمل غدا إن شاء الله